أي: رب شيء تكره النفوس، ويدل على أنها اسمٌ عَوْدُ الذكر إليها، والكاف في محل الرفع على أنه صفة لِفَرْجَة، أو في محل النصب على الحال من المنوي في (له).
وأما وقوعها بين الرافع والمرفوع: [فقولك]: قَلّما تقولَنَّ، وطالما تَسْكُتَنَّ، فقلَّ وطال فعلان ماضيان، كُفَّا بـ (ما)، وجُعلتْ (ما) كالعوض لهما من الفاعل، ولذلك وليهما الفعل، وقد عُلم أن الفعل لا يلي الفعل، وأما قول الشاعر:

٣٤ - صَدَدْتِ فأَطولتِ الصُّدُودَ وقَلَّما وِصَالٌ على طولِ الصُّدودِ يَدُومُ (١)
ففيه أربعة أقوال للنحويين:
قال صاحب الكتاب رحمه الله: (ما) في قلما اسم في موضع رفع بـ (قَلّ)، و (وصال) مبتدأ وما بعده خبره، والجملة صلة لـ (ما) والتقدير عنده: وقلما يدوم وصال، لأنه إنما أراد تقليل الدوام (٢).
وقال المبرد: (ما) في قلما صلة ملغاة، والاسم بعدها مرتفع بقلَّ، كأنه قال: وقل وصالٌ يدوم على طول الصدود (٣).
(١) ينسب هذا البيت لعمر بن أبي ربيعة، أو للمرار الفقعسي، وهو من شواهد سيبويه ١/ ٣١ و ٣/ ١١٥، والمقتضب ١/ ٤٨، وإعراب النحاس ٢/ ١٩٠، والأصول ٢/ ٢٣٤، وإيضاح الشعر / ١٠٦/، والمحتسب ١/ ٩٦، والخصائص ١/ ١٤٣، والإنصاف ١/ ١٤٤، وابن يعيش ٦/ ١١٦ و ٨/ ١٣٢.
(٢) هذا الكلام ليس لسيبويه، وإنما مفهوم المؤلف عنه، وسيبويه أورد الشاهد في موضعين كما تقدم وليس فيه هذا الإعراب. وكون (وصال) مبتدأ هو أيضًا ما ذكره الإمام الرضي في شرحه على كافية ابن الحاجب، لكن قال البغدادي ١٠/ ٢٢٧: وقول الشارح المحقق: وصال مبتدأ، ظاهره عند سيبويه مبتدأ، وليس كذلك، قلت: وهذا ما فعله ابن يعيش حيث قال ٨/ ١٣٢: ولا يرتفع (وصال) بالابتداء لأنه موضع فعل.
(٣) المقتضب ١/ ٨٤ و ٢/ ٥٥ وحكاه عنه ابن هشام في المغني / ٤٠٤/، لكن الأعلم شارح كتاب سيبويه ضعفه (انظر خزانة البغدادي ١٠/ ٢٢٧)، كما أن أبا علي في إيضاح الشعر استشهد به على أن "قل" غير مسند إلى فاعل.


الصفحة التالية
Icon