وقال بعضهم: (ما) في قلما ظرف بمعنى الحِين والوقت، كأنه قال: وقَلَّ وقتٌ يدوم فيه وصال على طول الصدود (١).
وقال بعضهم: (ما) في قلما كافة ليصلح أن يليها الفعل الذي لم يكن ليصلح أن يليها بغير (ما)، وإنما أَوْلَى (قلما) الاسمَ فقال: وقلما وصال، لضرورة الشعر. ووجه الكلام أن يقال: قلما يدوم وصال، فَيُولي (قلما) الفعل دون الاسم (٢).
والرابع (٣): أن تكون (ما) تأكيدًا، وبعضهم يسميها صلة وزائدة.
والأول أمتن، لأنه ليس في القرآن حرف إلّا وله معنى. وسئل بعض العلماء عن التوكيد وما معناه، إذ الإسقاط لا يُخِلّ بالحرف، فقال: هذا يعرفه أهل الطباع إذ يجدون أنفسهم بوجود الحرف على معنى زائد، لا يجدونه بإسقاط الحرف، وقال: مثال ذلك مثال العارف بوزن الشعر طبعا، فإذا تغير البيت بزيادة أو نقصان أنكره، وقال: أجد نفسي على خلاف ما أجدها بإقامة الوزن، فلذلك هذه الحروف تتغير نفسُ المطبوع عند نقصانها، ويجد نفسه بزيادتها على معنى خلاف ما يجدها بنقصانه.
وإذا كانت تأكيدًا، يأتي بعدها الاسم والفعل، وتقع أبدًا حشوًا أو آخرًا، ولا تقع أوّلًا، لأن وقوعها أولًا يؤدي إلى العناية بها.
فإذا وقعت حشوًا لم يَخْلُ أمرُها من أربع أحوال: إما أن تكون بين رافع ومرفوع، أو ناصب ومنصوب، وجازم ومجزوم، أو جار ومجرور.
(٢) هذا قول سيبويه، ذكره عنه صاحب المغني ٤٠٣ - ٤٠٤ عقب الشاهد مباشرة.
(٣) بهذا تصبح خمسة أقوال لا أربعة، وسوف يذكر قولين آخرين ويصرح بذكر (خمسة) و (ستة)، فالله أعلم إن كان ثمة تصحيف.