والجمهور على نصب ﴿مِلَّةِ﴾، وقرئ: بالرفع (١) على الابتداء، والخبر محذوف، والتقدير: مِلَّتُهُ مِلَّتُنَا أو بالعكس، أي: أمرنا ملته، أو نحن ملته، على تقدير أهل ملته، كما تقول: أنا من دين، أي: من أهل دين.
و﴿حَنِيفًا﴾: حال من ﴿إِبْرَاهِيمَ﴾، كذلك قال أبو إسحاق وغيره من العلماء، كما تقول: رأيتُ وجهَ هندٍ قائمةً (٢).
وقيل: منصوب بإضمار فعل، إذ الحال لا تكون من المضاف إليه (٣)، لأن العامل في الحال هو العامل في صاحبها، ولا يجوز أن يعمل المضاف في مثل هذا الحال. فأجيب عنه بوجهين:
أحدهما: أن العامل معنى الإضافة وهو المصاحبة.
والثاني: أنه محمول على المعنى؛ لأن معنى اتبعوا ملة إبراهيم: اتبعوا إبراهيم، لأنه هو المُتَّبَعُ في الحقيقة.
والحَنِيفُ: المائل عن كل دين باطل إلى دين الحق، وعن أبي حاتم: قلت للأصمعي: من أين عرف في الجاهلية الحنيف؟ فقال: لأنه من عَدَلَ عن دين اليهودية والنصرانية، فهو حنيف (٤).
والحَنَفُ: مَيلٌ في القدمين، وتَحَنَّفَ، إذا مال، وأنشد:

٨٦ - واللهِ لولا حَنَفٌ في رِجْلِهِ وَدِقَّةٌ في ساقِهِ من هَزْلِهِ
ما كان في فِتْيانِكُم مِن مِثْلِهِ (٥)
(١) نسبها ابن عطية ١/ ٣٦٧ إلى الأعرج، وابن أبي عبلة. وانظر القرطبي ٢/ ١٣٩.
(٢) كون (حنيفًا) حالًا: هو قول الزجاج ١/ ٢١٣، والطبري ١/ ٥٦٥، والنحاس ١/ ٢١٨، ومكي ١/ ٧٣.
(٣) انظر إعراب النحاس ١/ ٢١٨، ومشكل مكي ١/ ٧٣. وقدرا الفعل بـ: أعني.
(٤) هكذا ذكره ابن دريد في جمهرته ١/ ٥٥٦ عن أبي حاتم قلت للأصمعي: من أين عرف....
(٥) هكذا جاءت هذه الأشطر في الأصل، وتصرف فيها في المطبوع فأثبت الأول والثالث فقط لتوافق ما جاءت عليه في بعض المصادر، وانظرها كما أنشدها المؤلف رحمه الله في معاني=


الصفحة التالية
Icon