(ملة) قرأ برفع (صبغة) (١).
والثالث: أنه منصوب على الإغراء، أي: اتبعوا أو الزموا صبغةَ الله، أي دين الله (٢).
قيل: والأصل فيه أن النصارى كانوا يَغمِسونَ أولادهم في ماءٍ أصفرَ، ويقولون: هو تطهير لهم، وإذا فعل الواحد منهم بولده ذلك قال: الآن صار نصرانيًّا حقًّا، فأُمر المسلمون بأن يقولوا لهم: قولوا آمنا بالله وصَبَغَنا اللهُ بالإيمان صبغة لا مِثْلَ صِبغتنا، وطَهَّرنا به تطهيرًا لا مِثْلَ تطهيرنا، أو يقولُ المسلمونَ: صَبَغَنا الله بالإيمان صِبغتَهُ، ولم نُصْبَغْ صِبغتكم (٣).
﴿وَمَنْ أَحْسَنُ﴾: (مَن) استفهام بمعنى النفي في موضع رفع بالابتداء، و ﴿أَحْسَنُ﴾ خبره، أي: لا صبغةَ أحسبنُ من صبغته. ﴿مِنَ اللَّهِ﴾: في موضع نصب متعلق بأحسن. ﴿صِبْغَةً﴾: نصب على التمييز، كقولك: فلان أحسن منك وجهًا.
﴿أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٠) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٤١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَمْ يَقُولُونَ﴾ قرئ: بالياء النقط من تحته ردًّا على
(٢) ذكره مكي في المشكل ١/ ٧٣. وقدمه ابن عطية ١/ ٣٧٠.
(٣) هذا من كلام صاحب الكشاف ١/ ٩٧، وفِعْلُ النصارى هذا ذكره الواحدي في أسباب النزول ٤٤ - ٤٥، وابن الجوزي في زاد المسير ١/ ١٥١ عن ابن عباس رضي الله عنهما.