أي: وما كون الله مريدًا لأنَّ يضيع إيمانكم، فاعرفه، وقس عليه نظائره في التنزيل:
وعن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره: أن الإيمان هنا: الصلاة، وسميت الصلاة إيمانًا؛ لأنَّها صادرة عنه، وهي التي كانت إلى بيت المقدس قبل التحويل على ما فسر (١).
وقرئ: (رَؤُف) بوزن يَقُظ، و (رَءُوف) بوزن صبور، وهما لغتان فاشيتان (٢).
﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٤٤)﴾:
قول عزَّ وجلَّ: ﴿فِي السَّمَاءِ﴾ متعلق بـ ﴿تَقَلُّبَ﴾، أي: قد نرى تَرَدُّدَ وجهِك وتصرّف نظرك في جهة السماء. ﴿وَجْهِكَ﴾: منصوب بـ (ولِّ).
﴿شَطْرَ الْمَسْجِدِ﴾: نصب على الظرف، وهو ظرف مكان، تعضده قراءة من قرأ: (تلقاء المسجد) وهو أُبي رضي الله عنه (٣)، أي: اجعل تَوْلِيَةَ وجهِكَ تلقاءَ المسجد، أي في جهته وسَمْتِهِ؛ لأنَّ استقبال عين القبلة فيه حرج عظيم على مَن بَعُد، وشَطْرُ كلّ شيء: نَحْوُهُ وقَصْدُه (٤).
(٢) قرأ بالأولى: البصريان، والكوفيون سوى حفص وقرأ بالثانية: نافع، وابن كثير، وابن عامر، وعاصم برواية حفص. انظر السبعة/ ١٧١/، والحجة ٢/ ٢٢٩، والمبسوط/ ١٣٧/ والتذكرة ٢/ ٢٦٢.
(٣) كذا نسبها الزمخشري ١/ ١٠١ والرازي ٤/ ١٠٣. وهي عند ابن عطية ٢/ ١١، والقرطبي ٢/ ١٥٩ منسوبة إلى عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه.
(٤) أغلب المعربين على أنَّ (شطر) ظرف بمعنى نحو، وتجاه، وتلقاء. انظر الفراء ١/ ٨٤، والزجاج ١/ ٢٢٢، والنحاس ١/ ٢٢٠، وقال العكبري ١/ ١٢٥: (شطر) مفعول ثان لـ (ولّ)، وتابعه السمين الحلبي ٢/ ١٦١.