﴿إِلَّا دُعَاءً﴾: منصوب بيسمع. ﴿صُمٌّ﴾: أي هم صم. ﴿بُكْمٌ﴾، ﴿عُمْيٌ﴾: خبر بعد خبر، أي: جمعوا هذه الأوصاف الحميدة (١).
﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٧٣)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ﴾ الجمهور على البناء للفاعل، وهو الله تعالى. و (ما) كافة لـ (إن) عن العمل. و ﴿الْمَيْتَةَ﴾ وما عطف عليها نَصْبٌ بـ ﴿حَرَّمَ﴾.
وقريء: (حُرِّم) على البناء للمفعول (٢)، و (ما) على هذه القراءة موصولة وعائدها مستكن في (حُرِّمَ)، و (الميتةُ) وما بعدها خبر إن. ويحتمل أن تكون (ما) كافة أيضًا، و (الميتةُ). المفعول القائم مقام الفاعل، وهو اختيار أبي إسحاق، قال: والذي أختارُهُ أن تكون (ما) تمنع (إن) من العمل، فيكون المعنى: ما حُرِّمَ عليكم إلَّا الميتةُ والدم ولحم الخنزير؛ لأنَّ (إنما) تأتي إثباتًا لما يُذْكرُ بعدها، ونفيًا لما سواه، انتهى كلامه (٣).
وقرأ ابن القعقاع (٤): (المَيِّتَةَ) بالتشديد على الأصل (٥)، لأنَّ وزنها (فَيْعِلة)، والأصل (مَيْوِتَةَ)، فقلبت وأُدغمت. ووزنها على قراءة الجمهور (فَيْلَة)؛ لأنهم حذفوا عينها تخفيفًا. والميتة: ما فارق الروح من غير ذكاة.
(٢) هكذا أيضًا ذكرها الفراء ١/ ١٠٢، والزمخشري ١/ ١٠٨، والرازي ٥/ ١١، والعكبري ١/ ١٤١، ونسبها ابن عطية ٢/ ٤٨ إلى أبي عبد الرَّحمن المسلمي. ونسيها القرطبي ٢/ ٢١٦ وأبو حيان ١/ ٨٤٦ إلى أبي جعفر. وليست من العشر، وسوف تأتي قراءته الصحيحة بعد قليل.
(٣) معاني أبي إسحاق الزجاج ١/ ٢٤٣.
(٤) هو يزيد بن القعقاع أبو جعفر القاريّ، أحد العشرة، تقدمت ترجمته.
(٥) انظر المبسوط/ ١٤٠/، والنشر ٢/ ٢٢٤، وقال الإمام الطبري ٢/ ٨٥: إن التخفيف والتشديد في ياء (الميتة) لغتان معروفتان في القراءة وفي كلام العرب، فبأيهما قرأ ذلك القارئ فمصيب لأنه لا اختلاف في معنييهما.