القتالِ إكراهٌ لكم، فيكون هو كناية عن الفَرْضِ والكَتْبِ. وقيل: هو بمعنى مفعولٍ، أي: وهو مكروه لكم تكرهُهُ النفوسُ، وتأباه الطّباعُ، لكونه مشقة (١)، والكناية على هذا عن القتال، فأُوقِعَ المصدرُ مَوقعَ المفعول، كما أُوقِعَ في نحو: رَجُلٌ رِضى، أي: مَرْضيٌّ.
والجمهور على ضم الكاف، وقرئ: بفتحها (٢).
﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا﴾ عسى فعل ماض، وهو من الله تعالى واجب، ومن غيره طمع وإشفاق، ولا يتصرف لتضمنه معنى الطمع والإشفاق، ويكثر لزوم (أن) إِيَّاهُ، للدلالة على الاستقبال، لما فيه من الإبهام. و ﴿أَنْ﴾ وما اتصل بها في موضع رفع بعسى، و ﴿وَعَسَى﴾ حال من الضمير، وكذا ما بعده.
﴿وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾: ابتداء وخبر. و ﴿لَكُمْ﴾ تعلق بخير، لأنه في معنى أفعل، والجملة في موضع نصب نعت لقوله: ﴿شَيْئًا﴾، والواو مقحمة. وقيل: حال منه وإن كان نكرة، لأن المعنى يقتضيه (٣).
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢١٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ﴾ قتال: بدل من

(١) انظر الكشاف ١/ ١٣٠، والتبيان ١/ ١٧٣.
(٢) أي (كَرْهٌ) ونسبت إلى السلمي، انظر مختصر الشواذ / ١٣/، والكشاف ١/ ١٣٠، والبحر المحيط ٢/ ١٤٣.
(٣) قاله العكبري في التبيان ١/ ١٧٣.


الصفحة التالية
Icon