الإعلال لأجل أن يشاكل المضارعُ الماضيَ، وفيه كلام لا يليق ذكره هنا، فبقي (أَعُوذُ) كما ترى بمنزلة: أقول.
وألف (أَعُوذُ) ألف المخبِر عن نفسه (١)، وتُعْرَفُ بأن يَحْسُنَ معها أنا وغَدُ، وتفتح إذا كان ماضي فِعْلِها على ثلاثة أحرف أو أكثر من أربعة أحرف، وتُضَم إذا كان الماضي على أربعة أحرف، كقوله: ﴿أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي﴾ (٢) و ﴿أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا﴾ (٣)، وعلة ذلك أنها أخت الياء والتاء والنون اللاتي يدخلن في الفعل المضارع للدلالة على الحال أو الاستقبال، ولذلك لا تقع إلا أولًا كالمذكورات، فلما كان كذلك، وجب أن تكون حركتها كحركتهن، إن فُتِحنَ فتحتْ، وإن ضُمِمنَ ضمَّتْ، وهذه علة ألف المخبر عن نفسه وقياسها حيث وقعت (٤).
(مِنَ الشَّيْطَانِ): فُتِحَ النونُ لالتقاء الساكنين، والأشيع في النون في (مِنْ) إذا دخل على ما فيه لام التعريف نحو: مِنَ الرجل، ومِنَ القوم: الفتحُ، وقد يأتي الكسر، وهو قليل غير فصيح، فإن دخل على اسم في أوله همزة الوصل وليس بعده لام التعريف كُسِرَ، نحو: مِنِ ابنِكَ.
قال صاحب الكتاب رحمه الله: وقد فتحه قوم فصحاء (٥).
والذي أوجب الفتح مع اللام أن استعمال (مِن) مع ما فيه لام التعريف نحو: (مِنَ الرجلِ) كثير جدًّا، إذ ما يُعرَّفُ باللام ليس مما يحصى، فلما كان
(٢) سورة يوسف، الآية: ٥٤.
(٣) سورة الكهف، الآية: ٩٦.
(٤) انظر في أصل (أعوذ) كتاب الكشف عن وجوه القراءات لمكي بن أبي طالب القيسي ٧ - ٨.
(٥) فقالوا: (مِنَ ابنك). الكتاب ٤/ ١٥٥، وصاحب الكتاب هو سيبويه عمرو بن عثمان بن قنبر أبو بشر، فارسي الأصل، ولد بقرية من قرى شيراز، ثم قدم البصرة فأخذ عن الخليل، وضع (الكتاب) في النحو، فكان الإمام فيه، توفي سنة ثمانين ومائة على الراجح.