عنهما. و ﴿لِلنَّاسِ﴾ متعلق بقوله: (منافعُ). ﴿مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ متعلق بقوله: ﴿أَكْبَرُ﴾.
والإثم والنفع مصدران مضافان إلى الخمر والميسر، لكونهما سبب الإثم. ولك أن تجعله من إضافة المصدر إلى الفاعل مجازًا واتساعًا، لكونهما يوقعان صاحبهما في الإثم (١).
وقرئ: (إثم كبير) بالباء لقوله: ﴿حُوبًا كَبِيرًا﴾ (٢). وقوله: ﴿وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ﴾ لم يُختلَف فيهما، وقول الناس: الصغائر والكبائر. وبالثاء (٣)؛ لأن أصحاب الشرب والقمار يقترفون فيهما الآثام من وجوه كثيرة (٤)، ولأن وصف الإثم بالكثرة أبلغ من وصفه بالكِبَرِ.
وقوله: (قُلِ العَفْوُ) قرئ: بالرفع (٥) على أن (ما) وحدها اسم، و (ذا) بمعنى الذي وهو الخبر، ﴿يُنْفِقُونَ﴾ صلته، وعائده محذوف، أي: ما الذي ينفقونه؟ ثم حذف العائد لطول الاسم بالصلة على ما ذكرت قبيل، فأتى الجواب مرفوعًا على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: الذي ينفقونه العفوُ.
وبالنصب (٦) على أن (ما) و (ذا) اسم واحد في موضع نصب بينفقون، فأتى الجواب منصوبًا تقديره: ينفقون العفوَ؛ لأن العفو جواب، وإعرابُ الجواب كإعراب السؤال، فاعرفه وقس عليه.

(١) انظر التبيان ١/ ١٧٦. وفي (ب) و (د): ولك أن تجعل... من دون هاء.
(٢) سورة النساء، الآية: ٢، والحوب: الإثم. وبهذه الآية استدل النحاس ١/ ٢٦٠ أيضًا.
(٣) يعني (إثم كثير). وهي قراءة حمزة والكسائي من العشرة، وقرأ الباقون: (كبير) بالباء، انظر السبعة/ ١٨٢/، والحجة ٢/ ٣٠٧، والمبسوط/ ١٤٦/، والتذكرة ٢/ ٢٦٩.
(٤) كذا في الكشاف ١/ ١٣٣، وهذه الآثام مذكورة في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: ٩١]. ومذكورة أيضًا في قوله عليه الصلاة والسلام: "لعن رسول الله - ﷺ - في الخمر عشرة: مشتريها، وبائعها... ". انظر الحجة ٢/ ٣١٣ - ٣١٤، ومفاتيح الغيب ٦/ ٤١.
(٥) هي قراءة أبي عمرو وحده. انظر السبعة/ ١٨٢/، والحجة ٢/ ٣١٥، والمبسوط/ ١٤٦/.
(٦) قراءة الجمهور ما عدا أبا عمرو، انظر المصادر السابقة.


الصفحة التالية
Icon