وأهل الحجاز وبنو أسد يقولون: رَحيمٌ، ورَغيفٌ، وبَعِيرٌ بفتح أوائلهن، وقيسٌ وربيعةُ وتميمٌ يقولون: رِحيم، ورِغيف، وبِعير، بكسر أوائلهن (١).
ولام التعريف تُدْغَمُ في ثلاثةَ عشرَ حرفًا لا يجوز فيها معهن إلا الإدغام (٢)، منها التسعة تسمى المثلثات الثلاث، لأن كل ثلاثة منهن أخوات في المخرج، فالمثلثة الأولى: الطاء، والدال، والتاء. والثانية: الظاء، والذال، والثاء. والثالثة: الصاد والسين والزاي، وما بقي: النون والراء والضاد والشين، فهذه الثلاثةَ عشرَ يلزمها الإدغام مع لام التعريف لأمرين:
أحدهما: أن هذه الحروف مقاربة لها، فالأحدَ عشرَ مشاركةٌ في طرف اللسان وإن كان بعضها في ذلك أقلَّ حظًّا من بعض. والضاد والشين وإن لم يكونا من طرف اللسان، فإنهما باستطالتهما قد دنتا من المثلثات، ولذلك أدغم الطاء وأختاها، والظاء وأختاها فيهما.
والثاني: أن لام التعريف كثر في الكلام ودام دورانُه على الألسنة، لدخوله على الأسماء كلها ما عدا الأعلام، نحو: زيد وعمرو، والأسماء غير المتمكنة، وذلك قليل محصور، فلما اجتمع فيه الأمران: المقارَبةُ لهذه الحروف والكثرة ألزم الإدغامَ. هذا قول سيبويه (٣)، وأيد ذلك أن اللام مبنية على السكون، فهي إذًا متهيئة للإدغام، ثم إن القصد في وضعها على السكون أن يشتد اتصالها بالاسم، ويكون امتزاجها على حسب امتزاج معناها بمعنى الاسم، ولكونها جُزْءًا من الاسم تَخَطّاها العامل، نحو: بالرجُل، فلم يُعَدّ اللامُ فصلًا بين الجارِ والمجرور، لأن منزلتها منه كمنزلة الراء حيث قلتَ: برجلٍ، وإذا كان هذا حالَها كان الإدغام خليقًا بأن يلزمها، ليتمكن دخولُها

(١) هكذا حكاه عنهم النحاس في إعراب القرآن ١/ ١١٧، وعلامة الترقيم فيه لم توضع في محلها.
(٢) هذا كلام سيبويه ٤/ ٤٥٧.
(٣) انظر "الكتاب" في الموضع السابق.


الصفحة التالية
Icon