بضم اللام على إتباع الثاني الأول (١)، وهو أحسنُ وأقوى، لأن حُرْمَةَ الإعراب أقوى من حرمة البناء (٢)، والذي جَسَّرَ القارئَ على ذلك - والإتباع إنما يكون في كلمة واحدة، كقولهم: مُنْحَدُرٌ ومِغِيرَةٌ - شِدَّةُ حاجةِ المبتدأ إلى الخبر، فلما كان كذلك أَجْرَى ما هو من كلمتين مجرى ما هو من كلمة واحدة (٣).
والتعريف فيه تعريف الجنس، ومعناه الإشارة إلى ما يعرفه كل أحدٍ من أن الحمد ما هو (٤)، كما أن نحو تعريف الدرهم والدينار إذا قلت: كثر الدرهم والدينار كذلك.
قيل: وفي الكلام حذف، والتقدير: قولوا الحمد لله، أي: الحمد كله لله لا لغيره، وإضمار القول في القرآن وفي كلام القوم كثير (٥).
وقيل: الحمد المعهود لله، وهو الحمد الذي حمد به نفسه، فاللفظ على هذا على الخبر والمعنى على الأمر. ويجوز أن يكون إخبارًا أخبر الله جل ذكره به، فلا حذف على هذا.
واللام في قوله: (لله)، أصله الفتح (٦)، بدليل أنهم فتحوه مع المضمر في قولهم: الحمد لَه، والمال لَك، لأن المضمر يُرَدُّ فيه الشيء إلى أصله، فإن قلتَ: إذا كان الأمر على ما زعمتَ، فلمَ كُسِرَ مع الظاهر؟ قلت: للفصل بينه وبين لام الابتداء إذ كان يلتبس في مواضع كثيرة، ألا ترى أنك لو

(١) أما قراءة الكسر فنسبوها للحسن البصري رحمه الله، وأما لغة الرفع فلابن أبي عبلة. انظر النحاس ١/ ١٢٠، والمحتسب ١/ ٣٧، وإعراب ثلاثين سورة / ١٨/، وقال ابن جني: وكلاهما شاذ في القياس والاستعمال. وانظر البيان ١/ ٣٤ - ٣٥.
(٢) العبارة لابن جني في المحتسب ١/ ٣٨.
(٣) الكشاف ١/ ٨، وانظر في قولهم: منحدر: "الكتاب" ٤/ ١٤٦.
(٤) هذا للزمخشري في الموضع السابق، لكن أبا حيان ذكر في البحر ١/ ١٨ أنها إما للعهد، أو لتعريف الماهية، أو لتعريف الجنس، لكنه عاد في تفسير "النهر الماد" إلى الاقتصار على الأخير.
(٥) انظر كلام الطبري ١/ ٦١ حول هذا المعنى، فقد أشبعه شرحًا.
(٦) هذا قول سيبويه، ذكره عنه مكي في مشكل إعراب القرآن ١/ ٨.


الصفحة التالية
Icon