﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾: عَطْفُ جملةٍ على جملة.
و﴿نَسْتَعِينُ﴾ أصله نَسْتَعْوِنُ، لأنه من العون، أي نطلب المعونة على عبادتك، وعلى الأمور كلها، يقال: استعنت فلانًا، واستعنت به، بمعنىً، فاستثقلت الكسرة على الواو، فنقلت إلى العين، وقلبت الواو ياء، لسكونها وانكسار ما قبلها. ومصدره: استعانة، وأصله: استعوان، والكلام فيه كالكلام في الاستعاذة (١).
والجمهور على فتح النون، وقرئ: بكسرها (٢) تنبيهًا على أن عين فعلِه الماضي قبل الزيادة مكسورة.
والفتح لغة أهل الحجاز، والكسر لغة تميم، وأسد، وقيس، وربيعة (٣)، وكذلك يفعلون في التاء والهمزة، ولا يفعلون في الياء؛ لأن الكسرة تستثقل فيها:
والعبادة أصلها الخضوع والتذلل، من قولهم: طريقٌ مُعَبَّدٌ، أي مذلَّل، ومنه: ثوبٌ ذو عَبَدَةٍ، إذا كان في غاية الصفاقة وقوة النسج (٤).
والعبادة، والخضوع، والاستكانة، والتذلل، والانقياد، نظائرُ في اللغة.
وقوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ بعد قوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ خروج من الغيبة إلى الخطاب، وعكسه: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ﴾ (٥) وهو شائع في كلام القوم نثرهم ونظمِهم. قيل: وسبب ذلك أن الكلام إذا نقل من
(٢) يعني: (نِستعين)، ونسبت إلى يحيى بن وثاب، والأعمش، والنخعي. انظر إعراب النحاس ١/ ١٢٣. والمحرر الوجيز ١/ ٧٦.
(٣) انظر في هذا أيضًا: كتاب الصاحبي لابن فارس/٢٨/.
(٤) انظر الصحاح مادة (عبد).
(٥) سورة يونس، الآية: ٢٢.