وأما التي مع كسر الهاء: فإسكان الميم، وكسرها من غير ياء، وكسرها مع الياء، وضمها من غير واوٍ، وضمها مع الواو (١).
وبعدُ... فإن ميم الجمع أصلها أن تكون بعدها واو، لتكون للمذكر علامتان وهما الميم والواو، كما كان للمؤنث كذلك، وهما النونان في (عليهنّ)، فالنون الأولى بإزاء الميم، والثانية بإزاء الواو، فالميمُ لمجاوزة الواحد من غير اختصاص بالجمع، ألا ترى أنها موجودة في التثنية، نحو: عليهما، والألف دليل التثنية. والواو للجمع، غير أنهم حذفوها تخفيفًا مع عدم اللبس، إذ الواحد خالٍ من الميم، والتثنية بعد ميمها ألف، ولم يحذفوا الألف من التثنية، كما حذفوا الواو من الجمع، لأنه يؤدي إلى اللبس، إذ لو قالوا: عليهم، لم يُعلم أجمعًا يريدون أم تثنية؟ فلما حذفوا الواو أسكنوا الميم كراهة اجتماع خمسة أحرف متحركة في أكثر المواضع، نحو: ضربهم، ﴿جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ (٢) وذلك مرفوض في كلامهم.
وقد ذكرت في الكتاب الموسوم بالدرة الفريدة في شرح القصيدة: أن الهاء في نحو: به، وعليه، هي الاسم، وما بعدها مما وُصِلَتْ به من واوٍ أو ياءٍ مزيد، وأن أصلها الضم، لأنها حرف خَفِيٌّ ضعيفٌ، فلما كان كذلك، قَوَّوْهُ بأقوى الحركات، وهي الضم، ثم زيد في تقويتها بإضافة حرف من جنس تلك الحركة إليها وهو الواو، فقالوا: بِهُو داءٌ، وعليهُو مالٌ. وقد قرئت: (فَخَسَفْنَا بِهُو وَبِدَارِهُو الْأَرْضَ) (٣) على الأصل، إلا أن الهاء لما

(١) قرأ بضم الهاء حمزة، ويعقوب، وقرأ الباقون بكسرها، انظر السبعة / ١٠٨/، والحجة ١/ ٥٧، والمبسوط / ٨٧/، والتذكرة ١/ ٦٦. وانظر قراءات الميم في هذه المصادر أيضًا وفي المحتسب ١/ ٤٣، والمحرر الوجيز ١/ ٨٤.
(٢) سورة يونس، الآية: ١٣.
(٣) من سورة القصص (٨١) ونسبها الزجاج ١/ ٥٠ إلى أهل الحجاز. وانظر الدر المصون ٨/ ٦٩٦.


الصفحة التالية
Icon