جمع السلامة، لقيامهما مقام الفعل.
﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾: عطف على ﴿الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾، ودخلت (لا) في ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ لما في ﴿غَيْرِ﴾ من معنى النفي، كأنه قيل: لا المغضوب عليهم ولا الضالين. ولذلك أجاز النحويون: أنا زيدًا غيرُ ضاربٍ، لأنه بمنزلة قولك: أنا زيدًا لا ضاربٌ، ولم يجيزوا أنا زيدًا مثل ضارب، لأن زيدًا من صلة ضارب، فلا يتقدم عليه (١).
وقيل: ﴿الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ اليهود، والضالون: هم النصارى، وقيل: هو في كل من ضل عن طريق الحق واستحق الغضب (٢).
والغَضَبُ، والسُّخْطُ بمعنىً. والضلال، والهلاك، والضياع نظائر في اللغة، يقال: ضلَّ الماء في اللبن، إذا ضاع فيه وهلك (٣).
والجمهور على ترك الهمز في ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾. وقرئ: (ولا الضأَلِّين) بهمزة مفتوحة (٤)، وهي لغة من جَدَّ في الهرب من التقاء الساكنين (٥).
(٢) كون (المغضوب عليهم) هم اليهود، (ولا الضالين) هم النصارى: أخرجه أبو داود
الطيالسي (١٠٤٠) والترمذي (٢٩٥٦) و (٢٩٥٧) وابن حبان (٧٢٠٦) والإمام أحمد ٤/ ٣٧٨ - ٣٧٩ وحسنه الترمذي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٥/ ٣٣٥: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير عباد بن حبيش وهو ثقة. وذكره الحافظ في الفتح عند شرح الحديث (٤٤٧٥) عن أبي عبيد وسعيد بن منصور بإسناد صحيح، كما نقل عن ابن أبي حاتم قوله: لا أعلم بين المفسرين في ذلك اختلافًا. وقال الماوردي ١/ ٦١: وهو قول جميع المفسرين. وانظر في معنى القول الأخير: تفسيري البغوي والرازي.
(٣) في الصحاح (ضلل): ضل الشيء يضل ضلالًا، أي ضاع وهلك. وفي أساس البلاغة (ضلل): ضل الماء في اللبن، واللبن في الماء: إذا خفي وغاب.
(٤) نسبت إلى أيوب السختياني رحمه الله، انظر إعراب النحاس ١/ ١٢٦، وإعراب ثلاثين سورة/ ٣٤/ والمحتسب ١/ ٤٦ ومشكل مكي ١/ ١٤.
(٥) العبارة لصاحب الكشاف ١/ ١٢ وانظر المحرر الوجيز ١/ ٨٨.