ذلك (١). ولك أن تجعلها حالًا من الكاف والميم، أي: يصوركم متقلّبين على مشيئته. و ﴿كَيْفَ﴾ على كلا التقديرين ظرف لقوله: ﴿يَشَاءُ﴾.
﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ﴾ في موضع النصب على الحال من ﴿الْكِتَابِ﴾، أي: أنزله عليك ثابتًا منه آياتٌ، فارتفاع قوله: ﴿آيَاتٌ﴾ بالظرف الذي هو ﴿مِنْهُ﴾ لكونه نائبًا عن اسم الفاعل الذي هو ثابت أو مستقر، فمنه هو الحال في الحقيقة، والضمير في ﴿مِنْهُ﴾ للكتاب (٢).
و﴿مُحْكَمَاتٌ﴾: صفة لآيات. وكذا قوله: ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ صفة لآيات، أي: هن أصل الكتاب. و ﴿هُنَّ﴾ ضمير الآيات، أخبر سبحانه عن الآيات أنها من الكتاب، ثم أخبر أنهن أصل الكتاب، لأن أُمَّ الشيء أصله.
فإن قلت: لم وَحَّد - جل ذكره - الخبر وهو ﴿أُمُّ﴾ مع كون المُخْبَرِ عنه جمعًا وهو ﴿هُنَّ﴾؟ قلت: لأن المراد: أن كل واحدة منهن أُمٌّ، كقولهم: أتينا الأمير فكسانا حُلَّة، وقوله: ﴿فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ (٣). وقيل: لأن الآيات في تكاملها واجتماعها كالآية الواحدة، وكلام الله واحد، فأفرد لذلك (٤).
(٢) انظر هذا الإعراب في البيان ١/ ١٩١. كما يجوز أن تكون (آيات) مبتدأ، و (منه) الخبر.
(٣) سورة النور، الآية: ٤. ويريد أن معناه: فاجلدوا كل واحد منهم.
(٤) انظر هذا القول في تفسير الرازي ٧/ ١٥٠، وتبيان العكبري ١/ ٢٣٨.