﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٠١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ﴾. (كيف): نصب بـ ﴿تَكْفُرُونَ﴾، وفيه معنى الإِنكار والتعجب، ولك أن تجعلها في موضع الحال على: أجاحدين تكفرون أم جاهلين؟
﴿وَأَنْتُمْ تُتْلَى﴾: ابتداء وخبر في موضع الحال من الضمير في ﴿تَكْفُرُونَ﴾، أي: من أين يتطرق إليكم الكفر والحال أنكم تعاينون ذلك؟ وكذا ﴿وَفِيكُمْ رَسُولُهُ﴾.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ نصب على المصدر، كأنه قيل: اتقوا الله تقاة، ثم وضع ﴿حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ موضعها، وأصلها: وُقَاة، لأنها من وَقيتُ، فأبدلت التاء من الواو، كما أبدلت في تراث ونحوه، وأصلها تُقَيَّة، وقد مضى الكلام عليها فيما سلف بأشبع من هذا (١).
وقوله: ﴿وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ظاهره نهي عن الموت، والمعنى على خلافه، لأنهم لا يملكون الموت فينهون عنه. وإنما المعنى: ولا تكونن على حال سوى حال الإسلام حتى يأتيكم الموت، كما تقول لمن تستعينُ به على لقاء العدو: لا تأتني إلا ومعك مال وأجناد، فأنت لا تنهاه عن الإِتيان، وإنما تنهاه عن خلاف الحال التي شرطت عليه في وقت الإِتيان، ونظيره ما حكاه صاحب الكتاب رحمه الله: لا أَرَيَنَّكَ ها هنا، وهو لا ينهى نفسه، وإنما المعنى: لا تكونن ها هنا، فإن من كان ها هنا رأيته (٢).

(١) عند إعراب الآية (٢٨) من هذه السورة.
(٢) الجملة الأولى لسيبويه ٣/ ١٠١، وشرحُها للزجاج/ ٤٤٩.


الصفحة التالية
Icon