قوله عز وجل: ﴿بَلَى﴾ إيجاب لما بعد ﴿لَنْ﴾ (١)، أي: بلى يكفيكم الإِمداد بهم، فأوجب الكفاية، يقال: كفاه يكفيه كفاية فهو كاف، إذا قام بالأمر (٢).
ثم قال: ﴿إِنْ تَصْبِرُوا﴾ على لقاء العدو ﴿وَتَتَّقُوا﴾ معصية الله ومخالفة رسوله، ﴿وَيَأْتُوكُمْ﴾ يعني المشركين.
﴿مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا﴾: (هذا) نعت لفورهم، وهو مصدر، من قولهم: فارت القدر تفور فورًا، إذا غَلَتْ، وأصله الغليان، ومنه فَوْرَةُ الغضب، ثم استعير للسرعة، ثم سميت به الحالة التي لا بُطءَ فيها، فقيل: أتانا فلان ورجع من فوره، كما تقول: من ساعته لم يلبث، ومنه قول الفقهاء: الأمر على الفَوْرِ لا على التراخي (٣). والمعنى: أنهم إن يأتوكم من ساعتهم هذه يمددكم ربكم بالملائكة في حال إتيانهم لا يتأخر نزولهم عن إتيانهم.
و﴿يُمْدِدْكُمْ﴾: جواب الشرط.
﴿مُسَوِّمِينَ﴾: نعت لخمسة. وقرئ: (مسوِّمين) بكسر الواو على البناء للفاعل (٤)، بمعنى: مُعْلِمِينَ أنفسَهم أو خيلَهم. من السُّوْمَةِ (٥)، وهي العلامة تُجْعَلُ على الشاة وغيرها، وفي الحرب أيضًا تقول: تَسَوَّمَ، وفي الحديث: "سَوِّمُوا فإنَّ الملائكة قد سَوَّمَتْ " (٦). وبفتحها على البناء للمفعول (٧)،
(٢) في (د): إذًا بالأمر.
(٣) نسبه الزمخشري ١/ ٢١٥ إلى أبي حنيفة رحمه الله.
(٤) قرأها ابن كثير، وعاصم، والبصريان كما سوف أخرج.
(٥) في (ب) من الوسمة. تصحيف: وانظر معاني الزجاج ١/ ٤٦٧، والحجة ٣/ ٧٦ حيث حكاها أبو علي عن أبي زيد.
(٦) كذا استشهد به أبو علي أيضًا كما في الموضع السابق، وأخرجه الطبري ٤/ ٨٢، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣١٠ إليه وإلى ابن أبي شيبة. وانظر الصحاح (سوم).
(٧) قرأها الباقون من العشرة. انظرها مع القراءة الأولى في السبعة / ٢١٦/ والحجة ٣/ ٧٦، والمبسوط/ ١٦٩/، والتذكرة ٢/ ٢٩٣، والنشر ٢/ ٢٤٢.