أحدهما: أن يكون المُعَلَّلُ محذوفًا، معناه: وليتميز الثابتون على الإِيمان من الذين على حرفٍ فَعَلْنَا ذلك، وهو من باب التمثيل، بمعنى: فعلنا ذلك فِعْلَ من يريد أن يعلمَ مَنِ الثابتُ على الإيمان منكم مِن غير الثابت، وإلا فالله عز وجل لم يزل عالمًا بالأشياء قبل كونها. وقيل معناه: وليعلمهم علمًا يتعلق به الجزاء، وهو أن يعلمهم موجودًا منهم الثبات.
والثاني: أن تكون العلة محذوفة، وهذا عطف عليه، معناه: وفعلنا ذلك ليكون كيت وكيت وليعلم الله. انتهى كلامه (١).
وقيل: ﴿وَلِيَعْلَمَ﴾ من صلة قوله: ﴿نُدَاوِلُهَا﴾ والواو صلة، والمفعول الثاني ليعلم محذوف تقديره: متميزين بالإِيمان من غيرهم. وإن جعلت العلم بمعنى المعرفة، أو بمعنى الرؤية على ما فسر لم تحتج إلى مفعول ثان.
﴿وَيَتَّخِذَ﴾: عطف على ﴿وَلِيَعْلَمَ﴾، أي: وليكرم ناسًا منكم بالشهادة.
وقوله: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ اعتراض بين بعض التعليل وبعض (٢).
﴿وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (١٤١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلِيُمَحِّصَ﴾ عطف على ﴿وَلِيَعْلَمَ﴾. ﴿وَيَمْحَقَ﴾: عطف على ﴿وَلِيُمَحِّصَ﴾، والتمحيص: التطهير والتصفية. يقال: مَحَصْتُ الشيءَ، أمحصُه مَحْصًا، إذا أخلصتَه من كل عيب، ومَحِصَ الحبلُ، إذا ذهب منه الوَبَرُ حتى يَخْلُصَ (٣)، قال الخليل: المحص: الخلوص من

(١) انظر الكشاف ١/ ٢١٩.
(٢) كذا في الكشاف ١/ ٢١٩.
(٣) هكذا في الجميع، ويؤكده ما استدل به من قول الخليل بعده. لكن العبارة عند الزجاج ١/ ٤٧١ وحكاها عن محمد بن يزيد: مَحِصَ الحبلُ محصًا، إذا ذهب منه الوبر حتى (يَمَّلِصَ). وحبل مَحِصٌ أو مَلِصٌ بمعنى واحد. وانظر هذا النقل عن الزجاج والمبرد في تهذيب اللغة واللسان (محص).


الصفحة التالية
Icon