كما كانت الياء كذلك فصارت كَيَأْيِنْ، كَكَيَعْيِنْ، فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفًا، كما قلبت في باع وهاب، فاجتمع ساكنان الألف والهمزة، فكسرت الهمزة لالتقاء الساكنين، وبقيت إحدى الياءين وهي لام الكلمة متطرفة، فأزالها التنوين بعد أن أزيلت حركتها استثقالًا، كما فعل في قاضٍ ورامٍ في حال الرفع والجر، فصار كاءٍ، كما ترى كجاء وشاء، فالهمزة فاء الكلمة، والألف التي قبلها عينها، واللام محذوفة كما ذكرت في الوجه الأول، ووزنها أيضًا كَعْفِنْ والقياس على هذا الوجه أيضًا إذا وقفتَ عليه أن تُسْكِن الهمزةَ المكسورة للوقف بعد حذف التنوين، كما تفعل في جاء ونحوه، فتقول: كاء، والقول في هذا والجواب عنه، كالقول والجواب فيما سلف قبيل، بأن الكلمة قد غُيِّرَتْ وقلبت فصار التنوين حرفًا من أصل الكلمة (١).
وَكَأَيِّن وكائِن لغتان فاشيتان مستعملتان في نظم القوم ونثرهم، قال الشاعر:
١٣٢ - كَأَيِّنْ في المَعَاشِرِ من أُنَاسٍ | أَخُوهُمْ فَوقَهُمْ وَهُمُ كِرامُ (٢) |
١٣٣ - وكائِنْ بالأباطِحِ من صَدِيقٍ | يَرانِي لَو أُصِبْتُ هُوَ المُصَابا (٣) |
١٣٤ - وكائِنْ رَدَدْنا عنكُمُ من مُدَجَّجٍ | يجيءُ أمامَ الألْفِ يَرْدِي مُقَنَّعَا (٤) |
(٢) كذا هذا البيت في معاني الزجاج ١/ ٤٧٦، والمحرر الوجيز ٣/ ٢٥١، والقرطبي ٤/ ٢٢٨، والبحر المحيط ٣/ ٧٢. ولم أجد من نسبه.
(٣) البيت لجرير، وهو من شواهد الزجاج ١/ ٤٧٥، والحجة ٣/ ٨٠، وإيضاح الشعر/ ٢٤٤/، والمحرر الوجيز ٣/ ٢٥١، والبيان ١/ ٢٢٥، ومفاتيح الغيب ٩/ ٢٢، والمقرب ١/ ١١٩.
(٤) البيت لعمرو بن شأس رضي الله عنه، وهو من شواهد الكتاب ٢/ ١٧٠، ومعاني الزجاج ١/ ٤٧٦، والحجة ٣/ ٨٠ وفيه: أمام (القوم)، بدل (الألف) ومثله في المحرر الوجيز ٣/ ٢٥١.