وأن يكون عطفًا على محل الجار والمجرور، كقولك: مررت بزيد وعَمْرًا، تعضده قراءة من قرأ: (تَسْأَلون بِهِ وبالأرحامِ) بإعادة الجار وهو ابن مسعود - رضي الله عنه - (١).
والجر: يحتمل أيضًا وجهين:
أن يكون عطفًا على المضمر المجرور، كما قال - أنشده صاحب الكتاب -:

١٤٦ - فاليومَ قَرَّبتَ تَهْجُونَا وتَشْتِمُنَا فاذهبْ فما بِكَ والأيامِ مِنْ عَجَبِ (٢)
وقال:
١٤٧ - فَانْظُرْ بنا والحقِّ كَيْفَ نُوافِقُهْ * (٣)
ونظيرهما كثير في نظم القوم، وأَن يكون جرها على القسم؛ لأنَّ القوم كانوا يقسمون كثيرًا بالأرحام، فخوطبوا على ما ألفوا من تعظيمها، ثم وردت الأخبار بالنهي عن الحَلِفِ إلَّا بالله تعالى، وهذا الوجه أمتن؛ لأنَّ عطف الظاهر على المضمر المجرور أباه صاحب الكتاب رحمه الله وموافقوه إلّا بإعادة الجار (٤).
قال الزمخشري: لأنَّ الضمير المتصلَ متصلٌ كاسمه، والجار والمجرور كشيء واحد، فكانا في قولك: مررت به وزيدٍ، وهذا غلامه وزيد شديدي
(١) انظر هذه القراءة في الكشاف ١/ ٢٤١ أيضًا.
(٢) البيت غير منسوب في الكتاب ٢/ ٣٨٣، والكامل ٢/ ٩٣١، ومعاني الزجاج ٢/ ٧، وإعراب النحاس ١/ ٣٩٠، والإفصاح/ ١٢٦/، والمحرر الوجيز ٤/ ٩، والإنصاف ٢/ ٤٦٤، وتفسير الفخر ٩/ ١٣٣. وشرح ابن يعيش ٣/ ٧٨. وقال البغدادي في الخزانة ٥/ ١٢٩: والبيت من أبيات سيبويه الخمسين التي لَمْ يعرف لها قائل. وشرحه الأستاذ محيي الدين عبد الحميد في حاشية الإنصاف فقال: إن هجاءك الناس وشتمهم لمن عجائب الدهر، وقد كثرت هذه الأعمال منك حتى صارت لا يتعجب منها.
(٣) لَمْ أجد هذا الشاهد.
(٤) انظر مواضع تخريج البيت السابق.


الصفحة التالية
Icon