قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا﴾ أي: ألا تعدلوا، والإِقساط: العدل، والقسوط: الجَوْرُ والعدول عن الحق، يقال: أَقْسَطَ يُقسِطُ إقساطًا، إذا عدل، وقَسَطَ يَقْسِطُ قُسوطًا، إذا جار، وفي التنزيل: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (١) وفيه: ﴿وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ (٢)، وبه. قرأ بعض القراء هنا: (أَلَّا تَقسطوا) بفتح التاء (٣)، على أنَّ (لا) مزيدة، كالتي في قوله: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ﴾ و (٤)، ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ﴾ (٥) أي: وإن خفتم أن تجوروا.
﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ﴾: الفاء وما بعدها جواب الشرط. و (ما) نصب بقوله: ﴿فَانْكِحُوا﴾، وهي بمعنى مَن.
وقيل: إنما قال: (ما) ذهابًا إلى الصفة؛ لأنَّ (ما) تكون صفة من يعقل (٦).
وقيل: ﴿مَا﴾ هنا نكرة موصوفة، كما يقول القائل: ما عندك؟ فتقول: رجل أو امرأة، كأنه قيل: فانكحوا جنسًا أو عددًا يطيب لكم (٧).
وعن الفراء: أنَّها مصدرية، كأنه قيل: فانكحوا الطيب منهن، أي الحلال (٨).
وقوله: ﴿مِنَ النِّسَاءِ﴾ في محل النصب على الحال من المستكن في ﴿طَابَ﴾.
(٢) سورة الجن، الآية: ١٥.
(٣) نسبت إلى يحيى بن وثاب، وإبراهيم النخعي. انظر المحتسب ١/ ١٨٠، والكشاف ١/ ٢٤٤، والمحرر الوجيز ٤/ ١٣.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ١٢.
(٥) سورة الحديد، الآية: ٢٩.
(٦) انظر الكشاف ١/ ٢٤٤.
(٧) قاله العكبري ١/ ٣٢٨.
(٨) انظر معاني الفراء ١/ ٢٥٣ - ٢٥٤. وهو قول الزجاج ٢/ ٨. وفي الطبري ٤/ ٢٣٦ عن مجاهد: فانكحوا نكاحًا طيبًا.