الذي دلت عليه الواو، وتحريره (١): أن الواو دلت على إطلاق أن يأخذ الناكحون مَن أرادوا نكاحها من النساء على طريق الجمع إن شاؤوا مختلفين في تلك الأعداد، وإن شاؤوا متفقين فيها محظورًا عليهم ما وراء ذلك. انتهى كلامه (٢).
وقوله: ﴿فَوَاحِدَةً﴾ الجمهور على نصب قوله: ﴿فَوَاحِدَةً﴾ على تقدير: فانكحوا واحدة، دل عليه قوله: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ﴾، أو فالزموا، أو فاختاروا واحدة، دل عليه المعنى، والمراد: كلُّ واحدٍ منكم، كقوله: ﴿فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ (٣)، ولفظ ﴿فَانْكِحُوا﴾ وإن كان ظاهره الأمر بالنِّكَاح، فمعناه: النهي عن الزيادة على الأربع، فاعرفه.
وقرأ ابن القعقاع: (فواحدةٌ) بالرفع (٤)، على أنَّها مبتدأ خبر محذوف، أي: فواحدة تكفي أو بالعكس، أي: فالمقنع واحدة، أو فالمنكوحة واحدة، ولك أن ترفعها على الفاعلية، أي: فكَفَتْ واحدةٌ.
وقوله: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾، عطف على قوله: ﴿فَوَاحِدَةً﴾، و ﴿مَا﴾ في موضع نصب أو رفع على قدر القراءتين في ﴿فَوَاحِدَةً﴾.
و﴿أَوْ﴾ هنا تحتمل أن تكون للتخيير، وأن تكون للإِباحة وهو أجود وعليه المعنى، لأنَّ للناكح الحر أن يجمع بين الحرة الواحدة، وبين الإماء من غير حَصْرٍ. والكلام في ﴿مَا﴾ هنا كالكلام في ﴿مَا طَابَ لَكُمْ﴾.
وقرئ: (أو مَن ملكت) (٥).
(٢) انظر الكشاف ١/ ٢٤٤ - ٢٤٥.
(٣) سورة النور، الآية: ٤.
(٤) قرأها من العشرة أبو جعفر يزيد بن القعقاع وحده: انظر المبسوط / ١٧٥/، والإتحاف ١/ ٥٠٢. ونسبت أيضًا إلى الحسن، والأعمش، وحميد، وعبد الرَّحمن بن هرمز الأعرج.
انظر إعراب النحاس ١/ ٣٩٤، والمحرر الوجيز ٤/ ١٦، وزاد المسير ٢/ ٩.
(٥) نسبت إلى ابن أبي عبلة. انظر الكشاف ١/ ٢٤٥، والبحر ٣/ ١٦٤.