الفاعلات، ووزنه فِلْنَ. ﴿مِنْهُ﴾ في موضع جر صفة لشيء، والضمير في ﴿مِنْهُ﴾ يعود إلى ما هو في معنى الصدُقات وهو الصَّدَاقُ، أو المال، أو المهر، ولك أن تُجريه مُجْرَى اسم الإِشارة، أي: عن شيء من ذلك.
و﴿نَفْسًا﴾ نصب على التمييز، والعامل فيه: ﴿طِبْنَ﴾، والأصل: طابت أنفسهن، ثم جعل الفعل لما يلتبس به الفاعل وهو المضاف إليه، فقيل: طبن، فوجب أن يُبَيَّنَ، فَنُصِبَ الذي كان فاعلًا فقيل: طِبْنَ نَفْسًا، وكان القياس أَنْفُسًا، وإنما وضع الواحد موضع الجمع، لأنَّ الغرض بيانُ الجنس، والواحد يدلُّ عليه هنا، كما دل في قولك: عندي عشرون دينارًا.
وقوله ﴿فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ الهاء في ﴿فَكُلُوهُ﴾ لـ ﴿شَيْءٍ﴾ في قوله: ﴿عَنْ شَيْءٍ﴾، و ﴿هَنِيئًا مَرِيئًا﴾: حالان منه، وقيل: هما وصف للمصدر الذي دل عليه ﴿فَكُلُوهُ﴾ أي: أكلًا هنيئًا مريئًا (١).
وقد جُوِّزَ أن يوقف على ﴿فَكُلُوهُ﴾، ويُبْتَدَأُ ﴿هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ على الدعاء، وعلى أنَّهما صفتان أقيمتا مقام المصدرين، كأنه قيل: هَنْئًا مَرْءًا (٢). وهما من هَنُؤَ الطعام يَهْنُؤُ بالضم فيهما هَنْئًا وهَنَاءَةً، ومَرُؤَ يَمْرُؤُ بالضم فيهما أيضًا مَرْءًا ومَرَاءةً، إذا كان سائغًا لا تنغيص فيه.
وقيل: الهَنِيْءُ: ما يَلَذُّهُ الآكِلُ، والمرِيء: ما يُحمَدُ عاقبتُهُ، وقد هَنَأَنِيْ وَمَرَأَنِيْ، فإذا أفردتَ قلتَ: أَمْرَأَنِي هذا الطعام، ولم يُقَلْ: أَهْنَأَنِي (٣).
والخطاب في قوله: ﴿فَكُلُوهُ﴾: للأزواج، وقيل: للأولياء (٤).

(١) قاله الزمخشري ١/ ٢٤٦، والعكبري ١/ ٣٢٩ وقدماه على الأول، بينما اقتصر النحاس ١/ ٣٩٥، ومكي ١/ ١٧٧ على الأول فقط.
(٢) نسبه ابن عطية ٤/ ٢٠ إلى سيبويه.
(٣) انظر اللسان (مرأ).
(٤) هذا قول الفراء ١/ ٢٥٦. وأخرجه الطبري ٤/ ٢٤٣ عن أبي صالح، لكنه رجح الأول، وانظر النكت والعيون ١/ ٤٥١ ومشكل إعراب القرآن ١/ ١٧٨.


الصفحة التالية
Icon