جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ} (١). وعن الحسن: الشيطانُ واللَّهِ زينها لهم بالوسوسة والخديعة وتحسين أخذها من غير وجوهها، لأنَّا لا نعلَمُ أحدًا أَذَمَّ لها من خالقها (٢).
وحُركت الهاء من ﴿الشَّهَوَاتِ﴾ لكونها اسمًا غير صفة، وقد أجيز إسكانها لأن بعدها واوًا (٣). والشهوة: ما تدعو النفس إليه، وفعلها: شَهِيَ يَشْهَى بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر شَهْوةً. والشهوة هنا هي المُشْتَهَى، سمي بالمصدر.
﴿مِنَ النِّسَاءِ﴾: في موضع نصب على الحال من ﴿الشَّهَوَاتِ﴾، و ﴿مِنَ﴾ لبيان الجنس، وقد جوز أن تكون لابتداء الغاية، وذلك إذا جعلت الشهوة مصدرًا، ولم تُجعل بمعنى المشتهَى، وأن تكون للتبعيض.
﴿وَالْقَنَاطِيرِ﴾: جمع قنطار. واختلف في نون قنطار، فقيل: أصلٌ ووزنه فِعلالٌ كحِملاقٍ (٤). وقيل: مزيدة، ووزنه فنعال (٥). واشتقاقه: من قَطَر يَقْطُرُ، إذا جَرَى، والذهب والفضة تُشَبَّهان بالماء في الكثرة وسرعة التقلب. والقنطار: المال الكثير (٦) قيل: ملء مَسْكِ ثورٍ (٧). وقيل: مائة
(٢) عن الحسن حكاه الطبري ٣/ ١٩٩، والماوردي ١/ ٣٧٥، والزمخشري ١/ ١٧٨.
(٣) كذا في إعراب النحاس ١/ ٣١٤ - ٣١٥ أيضًا.
(٤) حملاق العين: باطن أجفانها الذي يسوده الكحل، ويقال: هو ما غطته الأجفان من بياض المقلة، وحملق الرجل: إذا فتح عينيه ونظر نظرًا شديدًا.
(٥) اضطرب كلام ابن دريد في الجمهرة عن كون النون هنا أصلية أو غير أصلية، فقد ذكر القنطار في الثلاثي وقال: سوف تراه في الرباعي إن شاء الله لأن النون اصل. ولما ذكره في الرباعي قال: والقنطار معروف، النون فيه ليست أصلية. أما الجوهري فقد ذكره في الصحاح في مادة (قطر) مما يدل على أن النون عنده ليست بأصلية، وكذلك فعل الراغب في المفردات (قطر). أما ابن منظور والفيروزآبادي فقد ذكراه في (قنطر).
(٦) أخرجه الطبري ٣/ ٢٠١ عن الربيع بن أنس، وصوبه.
(٧) يعني: ملء جلد ثور، وهذا القول خرجه الطبري في الموضع السابق عن أبي نضرة، وذكره أبو عبيدة في المجاز ١/ ٨٩ عن الكلبي.