وقرئ: (قِيَمًا) (١) بمعنى قيامًا، وأصله قِوَمٌ وهو كعِوَضٍ وَحِوَلٍ في التَّعَرِّي من مشابهة الفعل، غير أن له حكمًا آخر، وهو أنه في الأصل مصدر كالرِضَى وصف به كما يوصف بسائر المصادر، ولهذا أُعِلَّ؛ لأنَّ المصدر يُعَلّ باعتلال الفعل.
وقيل: هو جمع قِيمَةٍ، كدِيمةٍ ودِيَمٍ. والمعنى: التي جعل الله قِيمَةً لأمتعتكم وما تَملِكونه (٢).
وقرئ: (قِوامًا) بالواو وألف بعدها (٣)، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه اسم، من قولهم: هذا قِوام الشيء، لما يقام به، كما تقول: هو مِلاكُ الأمر، لما يُملك به.
والثاني: أنه مصدر كالقيام والقِيَم، قال أبو الحسن: فيه ثلات لغات: القِوام والقيام والقيم (٤). وقيل: أتَى قِوام على قاوَمَهُ قِوامًا، كجاوره جوارًا، فصحت في المصدر كما صحت في الفعل.
وقوله: ﴿وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا﴾ أي: اجعلوا لهم فيها رزقًا، وهو أن يتجروا فيها ويتربحوا حتى تكون نفقتهم من الأرباح لا من صلب المال على ما فسر (٥). ففي على بابها (٦). وقيل: هي هنا بمعنى (من)، أي: وارزقوهم منها (٧).
(٢) في (ط) بعد (جعل الله): لكم، ولا حاجة لأنَّ التقدير: التي جعلها الله قيمة.
(٣) قراءة شاذة نسبت إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، انظر إعراب النحاس ١/ ٣٩٦، والكشاف ١/ ٢٤٧، والمحتسب ١/ ١٨٢، وفيه (قَوام) بالواو وفتح القاف، ولكنه ذكر الأولى أولًا. وذكرها العكبري ١/ ٣٣١ بكسر القاف لكن لَمْ ينسبها.
(٤) حكاها عن أبي الحسن: أبو علي في الحجة ٣/ ١٣٠. وهي أيضًا قول الفراء ١/ ٢٥٦.
(٥) في الكشاف ١/ ٢٤٧.
(٦) يعني من الظرفية.
(٧) قاله ابن الجوزي في زاد المسير ٢/ ١٣ قولًا واحدًا. وانظر المعنيين في العكبري ١/ ٣٣١ أيضًا.