يوصيكم الله بذلك وصية، كقوله: ﴿كِتَابَ اللَّهِ﴾ (١) و ﴿فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ﴾ (٢).
ومفعول ﴿مُضَارٍّ﴾ محذوف، أي: غير مضار ورثته، وهو أن يُقِرَّ بِدَيْنٍ ليس عليه، أو يوصِي بأكثر من الثلث. ولك أن تنصبها بـ ﴿غَيْرَ مُضَارٍّ﴾ على أنَّها مفعول به، كأنه قيل: لا يُضارُّ وصيةً من الله وهو الثلث فما دونه بزيادته على الثلث، وما أشبه هذا مما تَنْضَرُّ به الورثة، تعضده قراءة من قرأ: (غيرَ مضارِّ وصيةٍ من الله) بترك التنوين في (مضار) وجر (وصية) على الإِضافة، وهو الحسن (٣).
﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ﴾: ابتداء وخبر. ﴿حَلِيمٌ﴾: خبر بعد خبر، أي: عليم بما يصدر من العادل والجائر، حليم عن الجائر إذا أخَّرَ عنه ما يستحقه، وهذا تهديد.
﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾ ابتداء وخبر، والإِشارة إلى ما حَدَّ الله من فرائضه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (٤).
وقوله: ﴿جَنَّاتٍ﴾ فعول ثان لقوله: ﴿يُدْخِلْهُ﴾. و ﴿تَجْرِي﴾ وما اتصل به في موضع نصب صفة لجنات. و ﴿خَالِدِينَ﴾ حال من الهاء في
(٢) تقدمت قبل قليل في الآية (١١).
(٣) انظر قراءته أيضًا في معاني النحاس ٢/ ٣٧، والمحتسب ١/ ١٨٣، والكشاف ١/ ٢٥٥، والمحرر الوجيز ٤/ ٤٤.
(٤) كذا في زاد المسير ٢/ ٣٣.