سوَّى الله سبحانه بين من سَوَّفَ توبته إلى حَضْرَةِ الموت، وبين من مات على الكفر، في أنه لا توبة لهما؛ لأنَّ حضرة الموت أول أحوال الآخرة، فكما أن المائت (١) على الكفر قد فاتته التوبة على اليقين، فكذلك المسوف إلى حضرة الموت؛ لمجاوزة كلّ واحد منهما أَوانَ التكليف والاختيار، فاعرفه فإنه من كلام الزمخشري (٢).
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (١٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ أن وما عملت فيه في محل الرفع على الفاعلية بقوله: ﴿لَا يَحِلُّ﴾، أي: لا يحل لكم وِرْثُ النساء، أي: نكاحهن (٣).
وقرئ: (لا تحل) بالتاء النقط من فوقه (٤)، على ﴿أَنْ تَرِثُوا﴾ بمعنى الوِرَاثَةِ دون الوِرْث، أو الإِرث، أو النكاح.
و﴿كَرْهًا﴾ مصدر في موضع الحال من النساء.
قيل: كان الرجل إذا مات له قريب من أب أو أخ أو حميم عن امرأة ألقى ثوبه عليها، وقال: أنا أحق بها من كلّ أحد، فقيل:
﴿لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ أي: أن تأخذوهن على سبيل الإِرث، كما تُحازُ المواريثُ، وهُنَّ كارهاتٌ لذلك أو مُكْرَهاتٌ.

(١) في (ب): التائب. تصحيف.
(٢) الكشاف ١/ ٢٥٧.
(٣) قوله: (أي نكاحهن) ساقط من (د).
(٤) كذا أيضًا ذكرها الزمخشري ١/ ٢٥٩. ونسبت إلى نعيم بن ميسرة. انظر الشواذ/ ٢٥/، والبحر ٣/ ٢٠٢.


الصفحة التالية
Icon