والجمهور على فتح الهمزة من ﴿أَنَّهُ﴾ على أن الفعل وهو ﴿شَهِدَ﴾ (١) واقع عليها، وقرئ: (إنه)، و (أَن الدين) بكسر الأولى وفتح الثانية (٢) على إعمال شهد في (أن الدين) وما بينهما اعتراض مؤكد، فيجوز الفتح والكسر فيهما جميعًا. ويجوز فتح الأولى وكسر الثانية وعليه الجمهور (٣). وكسر الأولى على ما ذكرت آنفًا من الاعتراض، وفتح الثانية بوقوع الفعل عليها.
فإن قلت: ما محل (أن الدين) على قراءة من فتح الهمزة؟ قلت: يحتمل أن يكون نصبًا، وأن يكون جرًا إذا جعلته بدلًا من ﴿أَنَّهُ﴾ على ما ذكرت قبيل، وإن جعلته بدلًا من القسط كان جرًا لا غير.
﴿الْإِسْلَامُ﴾: خبر إن. و ﴿عِنْدَ﴾: ملغًى متعلق بمعنى الخبر (٤).
﴿بَغْيًا﴾: يحتمل أن يكون مفعولًا له، أي: اختلفوا بعد مجيئهم العلم للبغي. وأن يكون حالًا، أي: اختلفوا باغين. وقيل: مصدر مؤكِّد لفعله (٥)، وفعله محذوف، أي: بَغَوا بغيًا. والعلم هنا بمعنى المعلوم (٦).
﴿وَمَنْ يَكْفُرْ﴾: مَن شرطية في موضع رفع بالابتداء، واختلف في الخبر، فقيل: ﴿يَكْفُرْ﴾، وقيل: الجملة من الشرط والجزاء. وقيل: الجواب، وهو ﴿فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾، أي: سريع الحساب له. وقد
(٢) هي قراءة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، انظر المحرر الوجيز ٣/ ٤١، والقرطبي ٤/ ٤٣.
(٣) انظر مصادر القراءة المتواترة السابقة.
(٤) يريد أن (عند) ظرف متعلق بكلمة (الدين) لأنها بمعنى الفعل. وقوله: (ملغى)، أي لأن (إن) لا تعمل في الحال، فلا يعرب (عند) حالًا من (الدين)، وهذا قول أبي البقاء ١/ ٢٤٨ أيضًا، إلا أن السمين الحلبي ٣/ ٨٩ - ٩٠ جوزه.
(٥) نسب السمين ٣/ ٩٠ هذا القول إلى الزجاج.
(٦) في (أ): بمعنى (المفعول). وفي (د) بعد المعلوم: وهو الوجه.