جوز رفع ﴿يَكْفُرْ﴾ على أن تجعل (مَن) موصولة (١).
﴿فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (٢٠)﴾:
قوله عز وجل: (ومَن اتَّبَعَنِي) (٢) (مَن): موصولة في موضع رفع إما على الفاعلية عطفًا على التاء في ﴿أَسْلَمْتُ﴾ وهو الوجه، [أي: وأسلم من اتبعني وجوههم له، والذي سوغ ذلك من غير توكيد: الفاصلُ] (٣)، وإما على الابتداء والخبر محذوف، أي: ومن اتبعني أسلموا وجوههم لله، أو: أسلم وجهه لله. ويحتمل أن تكون الواو بمعنى مع، فتكون مفعولًا (٤) معه.
ومن بِدع الأقاويل قول من قال: إنه في موضع خفض عطفًا على اسم الله (٥)، إلا أن يتعسف ويقول متأولًا: جعلتُ مقصدي لله بالإِيمان به والطاعة له، ولمن اتبعني بالحفظ له والنظر إليه بما يزينه ولا يشينه.
قوله تعالى: ﴿أَأَسْلَمْتُمْ﴾ لفظه لفظ الاستفهام ومعناه الأمر، أي: أسلِموا. قيل: والمعنى: أنه قد أتاكم من البينات والحُجَج ما يوجب الإسلام، فهل أسلمتم أم أنتم بعدُ على كفركم؟ كقوله: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ (٦)
(٢) هكذا بإثبات الياء، ورسم المصحف (اتبعن) بالنون المكسورة، كما هو واضح في الآية.
وكلاهما صحيح على مذهب القراء، وفي المبسوط/ ١٧٤/: قرأ أبو جعفر، ونافع، وأبو عمرو، ويعقوب: (ومن اتبعني) بإثبات الياء، وقرأ الباقون: (اتبعنِ) بحذف الياء.
(٣) يعني أن قوله: (وجهي لله) قد فصل بين المعطوف وهو (من) والمعطوف عليه وهو الضمير في (أسلمت)، فجاز عطف الظاهر على المضمر للفاصل من غير توكيد، ولو قيل: أسلمت وزيد، لم يحسن حتى يقال: أسلمت أنا وزيد. وما بين المعكوفتين ساقط من (أ) و (د).
(٤) انظر الكشاف ١/ ١٨١.
(٥) قاله مكي في المشكل ١/ ١٣١. وحكاه ابن عطية ٣/ ٤٣ عن بعضهم. وأجازه السمين ٣/ ٩٢.
(٦) سورة المائدة، الآية: ٩١.