قوله عزَّ وجلَّ ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (من) مزيدة مؤكِّدة تدل على استغراق الجنس، أي: وما أرسلنا رسولًا قط إلّا ليطاع.
و﴿لِيُطَاعَ﴾: مفعول من أجله، واللام متعلقة بأرسلنا. و ﴿بِإِذْنِ اللَّهِ﴾: متعلق بقوله: ﴿لِيُطَاعَ﴾، أي: بسبب إذن الله في طاعته.
وقد جوز أن يكون ﴿بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ في محل النصب على الحال من المستكن في ﴿لِيُطَاعَ﴾ (١).
وقوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ﴾ (أنهم) في موضع رفع على أنَّه فاعل فعل مضمر. و ﴿إِذْ﴾ منصوب بقوله: ﴿جَاءُوكَ﴾، أي: لو وقع مجيئهم إذ ظلموا أنفسهم بالتحاكم إلى الطاغوت؛ لأنَّ (لو) يقتضي الفعل لما فيه من معنى الشرط، ولذلك لا بد له من الجواب. و ﴿جَاءُوكَ﴾ خبر ﴿أَنَّهُمْ﴾.
﴿فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ﴾: عطف على ﴿جَاءُوكَ﴾. وكذا ﴿وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ﴾.
﴿لَوَجَدُوا اللَّهَ﴾: اللام جواب ﴿وَلَوْ﴾ و ﴿تَوَّابًا﴾ مفعول ثان؛ لأنَّ وجد هنا يتعدى إلى مفعولين، أي: لعلموه توابًا، أي: لَتاب عليهم.
و﴿رَحِيمًا﴾: بدل من قوله: ﴿تَوَّابًا﴾، أو حال من المستكن فيه.
قيل: وإنما قال: ﴿وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ﴾ ولم يقل: واستغفرتَ لهم، وعدل عنهم إلى طريقة الالتفات تفخيمًا لشأن رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتعظيمًا لاستغفاره، وتنبيهًا على أنَّ شفاعةَ مَن اسمُهُ الرسولُ مِن اللَّهِ بمكانٍ (٢).

(١) جوزه العكبري ١/ ٣٧٩ مقدمًا إياه على الأول. وقال ابن عطية ٤/ ١٦٥: ويصح تعلق الباء بـ (أرسلنا)، والأظهر تعلقها بـ (يطاع).
(٢) قاله صاحب الكشاف ١/ ٢٧٧.


الصفحة التالية
Icon