﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)﴾:
قول عزَّ وجلَّ: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ فيه وجهان:
أحدهما: أَنَّ (لا) مزيدة لتأكيد معنى القسم، كما زيدت في ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ﴾ (١) لتأكيد وجوب العلم، أي: فوربك، كقوله: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ﴾ (٢).
والثاني: أنَّها رد لكلام، كأنه قيل: فليس الأمر كما يزعمون من الإِيمان وهم يعدلون عن حكمك، ثم استأنف القسم بقوله: ﴿فَوَرَبِّكَ﴾ (٣). و ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾ جواب القسم.
وقولِه: ﴿حَتَّى يُحَكِّمُوكَ﴾ متعلق بقوله: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾.
وقوله: ﴿فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾: (بينهم) يحتمل أن يكون ظرفًا بـ ﴿شَجَرَ﴾، وأن يكون حالًا من المستكن في ﴿شَجَرَ﴾. ومعنى ﴿فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾: فيما اختلف بينهم واختلط، يقال: اشتجر القوم وتشاجروا، إذا اختلفوا واختلط بعضهم ببعض، ومنه الشجر لتداخل أغصانه.
وقوله: ﴿ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا﴾ عطف على قوله: "حَتَّى ﴿حَتَّى يُحَكِّمُوكَ﴾. و ﴿حَرَجًا﴾ مفعول ﴿لَا يَجِدُوا﴾. و ﴿فِي أَنْفُسِهِمْ﴾: مفعول ثان، هذا إذا كان ﴿لَا يَجِدُوا﴾: مما يتعدى إلى مفعولين، فإن كان مما يتعدى إلى مفعول واحد كان ﴿فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ يحتمل أن يكون متعلقًا بقوله: ﴿لَا يَجِدُوا﴾ تعلق الجار بالفعل، وأن يكون متعلقًا بمحذوف على أن تجعله حالًا على تقدير تقديمه على الموصوف وهو ﴿حَرَجًا﴾.
(٢) سورة الحجر، الآية: ٩٢.
(٣) هذا الوجه للطبري ٥/ ١٥٨ قولًا واحدًا. والأول للزمخشري ١/ ٢٧٧.