مُتَجَنِّف، وقد قرئ بهما (١)، أي: غير متمايل إليه، كقوله: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ﴾ (٢)، وهو افتُعِلَ من الضُرِّ، أبدلت التاء طاء لقربها منها، ولتؤاخي الضاد بالإِطباق.
﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ﴾ ما وذا اسم واحد مبتدأ، وخبره، ﴿أُحِلَّ لَهُمْ﴾، أيْ: أيُّ شيء أحل لهم من المطاعم؟ ولك أن تجعل (ذا) بمعنى الذي، فيكون هو خبر (ما)، و ﴿أُحِلَّ لَهُمْ﴾ صلته، وقد ذكر في "البقرة" (٣).
﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ﴾ (ما): موصولة معطوفة على ﴿الطَّيِّبَاتُ﴾ وعائدها محذوف، أي: علمتموه، وفي الكلام حذف مضاف، أي: أُحِلّ لكم الطيباتُ وصيدُ ما عَلَّمْتُمْ، وقد جوز أن تكون شرطية وجوابها ﴿فَكُلُوا﴾، فتكون في موضع رفع بالابتداء (٤). و ﴿مِنَ الْجَوَارِحِ﴾: في محل النصب على الحال من العائد.
والجوارح: الكواسب للصيد من السباع والطير، كالكلب والفهد والنمر، والعُقاب والصَقْر والبافي والشاهين، وهي جمع جارحة، والهاء فيها للمبالغة، وهي صفة غالبة إذ لا يكاد يذكر معها الموصوف.
وقيل: سميت جوارح؛ لأنها تجرح ما تَصيدُ في الغالب (٥).

(١) الجمهور على (متجانف) بالألف، وقرئ في الشاذ: (متجنف) بدون ألف، ونسبت إلى يحيى بن وثاب، وإبراهيم النخعي، وأبي عبد الرحمن، انظر المحتسب ١/ ٢٠٧، والمحرر الوجيز ٥/ ٣٢.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٧٣.
(٣) انظر إعراب الآية (٢٦) منها. والوجهان عند الزجاج، والنحاس، ومكي.
(٤) جوزه الزمخشري ١/ ٣٢٣، وقال أبو حيان ٣/ ٤٢٩: وهذا أجود لأنه لا إضمار فيه.
(٥) حكاه ابن الجوزي في زاده ٢/ ٢٩٢ عن الماوردي.


الصفحة التالية
Icon