تأكيدًا للنفي، ولا نفي في ﴿مُحْصِنِينَ﴾ (١). والأخدان: الصدائق، واحدها خِدْنٌ، والخدن يقع على الذكر والأنثى.
وقوله: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ﴾ فيه وجهان:
أحدهما: ومن يكفر بموجِبِ الإِيمان وهو الله جل ذكره (٢)، ثم حُذف المضاف للعلم به.
والثاني: ومن يكفر بالمؤمَن به، وهو شرائع الإِسلام، وما أَحَلّ الله وحَرّم (٣)، على تسمية المفعول بالمصدر، كضَرْبِ الأميرِ.
وقوله: ﴿وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (في) متعلق بقوله: ﴿مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ إن جعلت الألف واللام للتعريف، وإن جُعِلت بمعنى (الذي) كان متعلقًا بمحذوف يفسره هذا الظاهر، أي: وهو خاسر في الآخرة، وقد مضى الكلام على نحو هذا فيما سلف من الكتاب بأبين من هذا (٤).
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا
(٢) كون الإيمان هو الله جل ذكره: أخرجه الطبري ٦/ ١٠٩ عن عطاء، ومجاهد. ووجهه بقوله: معنى الكفر بالإيمان هو جحود الله، وجحود توحيده، ففسروا معنى الكلمة بما أريد بها.. ونقل القرطبي ٦/ ٧٩ - ٨٠ عن الحسن بن الفضل قوله: إن صحت هذه الرواية فمعناها: برب الإيمان. وقال الشيخ أبو الحسن الأشعري: ولا يجوز أن يسمى الله إيمانًا خلافًا للحشوية والسالمية، لأن الإيمان مصدر آمن يؤمن إيمانًا، واسم الفاعل منه مؤمن، والإيمان التصديق، والتصديق لا يكون إلا كلامًا، ولا يجوز أن يكون الباري تعالى كلامًا.
(٣) قاله الزمخشري ١/ ٣٢٤.
(٤) حيث تقدمت هذه الآية في "آل عمران" (٨٥).