﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿شُهَدَاءَ﴾ يحتمل أن يكون خبرًا بعد خبر، وأن يكون حالًا من المستكن في ﴿قَوَّامِينَ﴾، وقد ذكر في "النساء" (١).
وقوله: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا﴾ أي: ولا يحملنكم بُغْضُ قوم على ترك العدل، ولذلك عُدّي بحرف الاستعلاء حملًا على المعنى؛ لأن جَرَم لا يتعدى به، والمصدر مضاف إلى المفعول، أو إلى الفاعل، وقد ذكر قبيل (٢).
وقوله: ﴿هُوَ أَقْرَبُ﴾ ﴿هُوَ﴾: ضمير المصدر الذي هو العدل، دل عليه ﴿اعْدِلُوا﴾، أي: العدل أقرب إلى التقوى وأدخل في مناسبتها. وقيل: المعنى: أقرب لاتقاء النار (٣). وتاء التقوى مبدلة من واو، وواوها مبدلة من ياء؛ لأنه من وقيت، وقد ذكر فيما سلف من الكتاب (٤).
﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ تفسير للوعد مع تمام الكلام على ﴿الصَّالِحَاتِ﴾، والمفعول الثاني محذوف وهو الموعود به، والأول ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾، ولا يجوز أن تكون الجملة واقعة موقع المفرد،
(٢) في أول السورة آية (٢).
(٣) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير ٢/ ٣٠٧.
(٤) انظر إعراب الآية (٢٨) من آل عمران.