و ﴿وَعَدَ﴾ واقع عليها، كما زعم بعضهم (١). مستشهدًا بقول الشاعر:

١٧٩ - وجدنا الصالحين لهم جزاءٌ وجناتٍ وعينًا سلسبيلًا (٢)
أَنَّ الجملةَ التي هي (لهم جزاء) واقعة موقع المفرد، ومحلها النصب لوقوعها موقع المفعول الثاني لقوله: ﴿وَجَدْنَا﴾، ولذلك نصب ما بعدها عطفًا عليها؛ لأن ما ذهب إليه شيء يختص بباب ظننت، ووجدت من باب ظننت، وليس وعدت من بابها فافترقا لذلك، فاعرفه فإنه موضع (٣).
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١)﴾:
قوله عز وجل، ﴿نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ﴾ (عليكم) يحتمل أن يكون متعلقًا بالنعمة، و ﴿إِذْ﴾ ظرف لها، وأن يكون حالًا منها، أي: عالية عليكم، و ﴿إِذْ﴾ ظرف لعليكم، وقيل: ﴿إِذْ﴾ ظرف لقوله: ﴿اذْكُرُوا﴾، وليس بشيء (٤).
﴿أَنْ يَبْسُطُوا﴾: (أن) في موضع نصب لعدم الجار وهو الباء، أو جر على إرادته. ومعنى بَسْطِ اليدِ: مدها إلى المبطوش به، يقال: بسط إليه يده، إذا بطش به، وبسط إليه لسانه، إذا شتمه.
{وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا
(١) جوزه الزمخشري ١/ ٣٢٧. وهو قول واحد للطبري قبله ٦/ ١٤٣. وقدمه القرطبي ٦/ ١١٠ مستدلًا بالآتي بعد.
(٢) البيت لعبد العزيز الكلابي، وهو من شواهد سيبويه ١/ ٢٨٨، والمقتضب ٣/ ٢٨٤، والإفصاح/ ٣١٤/، والقرطبي ٦/ ١١٠.
(٣) ما ذهب إليه في إعراب هذه الآية هو إعراب الأخفش ١/ ٢٧٨، والزجاج ٢/ ١٥٦، ومكي ١/ ٢٢٢، وابن عطية ٥/ ٥٣ وغيرهم.
(٤) لتنافي زمنيهما، فإن (إذ) للمضي، و (اذكروا) مستقبل.


الصفحة التالية
Icon