وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١٢)}:
قوله عز وجل: ﴿وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾ (منهم) في موضع نصب على الحال على تقدير تقديمه على الموصوف وهو ﴿اثْنَيْ عَشَرَ﴾، ولك أن تعلقه بقوله: ﴿وَبَعَثْنَا﴾.
والنقيب: قيل: الضمين (١). وقيل: الشهيد (٢). وحقيقته في اللغة: الذي يَنْقُبُ عن أحوال القوم ويفتش عنها، كما قيل له: عريف؛ لأنه يتعرفها، يقال: نَقُبَ فلان على القوم يَنْقُبُ، إذا صار نقيبًا ولم يكن نقيبًا (٣).
وقوله: ﴿لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ﴾ اللام في ﴿لَئِنْ﴾ مُوَطِّئَةٌ لِلقَسَم، وإن شرطية، وفي ﴿لَأُكَفِّرَنَّ﴾ جواب للقسم، وهذا الجواب ساد مسد جواب القسم والشرط جميعًا، وقد ذكر فيما سلف من الكتاب في غير موضع.
والجمهور على تشديد الزاي في قوله: ﴿وَعَزَّرْتُمُوهُمْ﴾ على معنى: نصرتموهم ومنعتموهم من أيدي العُداة، ومنه التعزير، وهو التنكيل والمنع من معاودة القبيح، وقرئ: (وعَزَرْتُموهم) بتخفيفها (٤) على معنى: حُطْتموهم، وكَنَفْتموهم، يقال: عَزَرْتُ فلانا، إذا حُطْتَهُ وكَنفته، والمعنيان متقاربان.
﴿وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا﴾ فيه وجهان:
(٢) هذا قول قتادة كما في جامع البيان ٦/ ١٤٨، ومعاني النحاس ٢/ ٢٧٩، والنكت والعيون ٢/ ٢٠.
(٣) انظر معاني الزجاج ٢/ ١٥٧ -، والصحاح (نقب).
(٤) قراءة شاذة نسبت إلى عاصم الجحدري. انظر المحتسب ١/ ٢٠٨، والمحرر الوجيز ٥/ ٥٨.