أحدهما: أنه مصدر على حذف الزوائد، كقوله: ﴿وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا﴾ (١) على أحد الوجهين.
والثاني: أنه اسم بمعنى المُقْرَض، فيكون مفعولًا به، كما تقول: أقرضته مالًا.
وقوله: ﴿فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ (مَن) شرطية في موضع رفع بالابتداء، وخبره فعل الشرط، أو الجواب على الخلاف المذكور في غير موضع.
﴿بَعْدَ ذَلِكَ﴾: الإِشارة إلى ما ذكر، أي: بعد ذلك الشرط المؤكَّد المعلق بالوعد العظيم.
و﴿مِنْكُمْ﴾: في محل النصب على الحال من المستكن في فعل الشرط. و ﴿سَوَاءَ﴾: ظرف لضل بمعنى: وسط السبيل، وقد مضى الكلام على هذا في سورة البقرة بأشبع من هذا (٢).
﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ﴾ (ما) صلة أو موصوفة، وقد ذكر فيما سلف (٣)، والباء متعلقة بقوله: ﴿لَعَنَّاهُمْ﴾، والباء للسببية، أي: فبسبب نقضهم طردناهم وأبعدناهم من رحمتنا (٤). وقيل: مسخناهم (٥). وقيل: ضربنا عليهم الجزية (٦).
(٢) انظر إعراب الآية (١٠٨) منها.
(٣) في الآية (١٥٥) من النساء.
(٤) هذا قول عطاء، والزجاج. انظر معاني الزجاج ٢/ ١٥٩، وزاد المسير ٢/ ٣١٣.
(٥) نسبه ابن الجوزي ٢/ ٣١٣ إلى الحسن.
(٦) وهذا قول ابن عباس رضي الله عنهما كما في المصدر السابق.