وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾ أي: صَيَّرناها يابسة غليظة صلبة، وأصل يائها: الواو؛ لأنه من القسوة، يقال: قسا يقسو قسوة، وإنما قلبت للكسرة.
وقرئ: (قاسِيَةً) بألف بعد القاف (١)، لقوله: ﴿فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ (٢) لم يُختلف فيه.
وقرئ: (قَسِيَّةً) بحذف الألف، وقلب الواو ياء، وإدغام ياء فعيلة فيها (٣)، أي رَدِيَّة، من قولهم: درهم قَسِيٌّ، أي: زائف؛ لأن الذهب والفضة الخالصين فيهما لِينٌ، والمغشوش فيه يُبْسٌ وصَلابة (٤).
والقاسي والقَسِي أَخَوان في الدلالة على اليُبس والصَلابة، غير أن فعيلًا أبلغ من فاعل (٥).
وقرئ: (قِسِيَّة) بكسر القاف (٦) للإتباع، كعِصيّ في عُصِيّ.
وقوله: ﴿يُحَرِّفُونَ﴾ يحتمل أن يكون مستأنفًا، وأن يكون حالًا من الهاء والميم في ﴿لَعَنَّاهُمْ﴾، وأن يكون بيانًا لقسوة قلوبهم؛ لأنه لا قَسوةَ أشدُّ من الافتراء على الله وتغيير وحيه.
وقوله: ﴿وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ﴾ (خائنةٍ) تحتمل أن تكون مصدرًا بمعنى خيانة، وبه قرأ بعض القراء: (على خِيانة منهم) (٧)، كالعافية والطاغية، وفاعلة في أسماء المصادر كثيرة، وفي الكلام حذف مضاف،
(٢) سورة الزمر، الآية: ٢٢.
(٣) قرأ بها حمزة، والكسائي من العشرة. انظر السبعة/ ٢٤٣/، والحجة ٣/ ٢١٦، والمبسوط/ ١٨٥/.
(٤) كذا في الكشاف ١/ ٣٢٨.
(٥) كذا في معاني النحاس ٢/ ٢٨١ فعيلة أبلغ من فاعلة.
(٦) كذا ذكرها الزمخشري ١/ ٣٢٨، والرازي ١١/ ١٤٨، وأبو حيان ٣/ ٤٤٥ دون نسبة.
(٧) نسبت إلى الأعمش، انظر المحرر الوجيز ٥/ ٦١، وزاد المسير ٢/ ٣١٤.