أي: ولا تزال تطلع على ذي خيانة، أو ذوي خيانة، وأن تكون صفة لموصوف، أي: ولا تزال تطلع على فرقة خائنة (١).
قال أبو إسحاق: ويقال: رَجُلٌ خَائِنَةٌ، انتهى كلامه (٢). كقولهم: رَجُلٌ راويةٌ للشعر، للمبالغة. و ﴿مِنْهُمْ﴾: في موضع الجر على الصفة لخائنة.
وقوله: ﴿إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ﴾ منصوب على الاستثناء، والاستثناء من الهاء والميم في ﴿مِنْهُمْ﴾ على الوجه الأول، أو من المستكن في ﴿خَائِنَةٍ﴾ على الوجه الثاني، كأنه قيل: ولا تزال تطلع على فرقة يخونون إلّا قليلًا منهم، وهم الذين آمنوا منهم على ما فسر (٣)، وأعيد ذكر ﴿مِنْهُمْ﴾ على وجه التوكيد.
﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (١٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى﴾ أي: ومن الذين قالوا إنا نصارى قوم أخذنا ميثاقهم، فحُذِفَ الموصوف (٤).
وعن الكسائي: مَن أخذنا ميثاقهم، فحُذف (مَن) (٥).
وقيل: (مِن) صلة على مذهب أبي الحسن (٦).
(٢) معاني القرآن ٢/ ١٦٠.
(٣) الكشاف ١/ ٣٢٨، وزاد المسير ٢/ ٣١٤.
(٤) ذكر السمين ٤/ ٢٢٦ هذا الوجه دون نسبة.
(٥) نسبه مكي ١/ ٢٢٣، وابن الأنباري ١/ ٢٨٧ إلى الكوفيين، قلت: الكسائي إمامهم.
(٦) الذي في معاني أبي الحسن سعيد الأخفش ١/ ٢٧٨ قال بعد أن ذكر الآية: كما تقول: من عبد اللَّه أخذت درهمه. وحكاها عنه النحاس في إعراب القرآن ١/ ٤٨٧. فيكون هذا الوجه مثل الوجه الذي سيأتي بعده.