﴿لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (٢٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ﴾ (بالحق) في موضع نصب على الحال من النبأ، أي: اتل ذلك ملتبسًا بالصدق، موافقًا لما في كتب الأولين، أو من المستكن في ﴿وَاتْلُ﴾، وقد جوز أن يكون نعتًا لمصدر محذوف، أي: تلاوة ملتبسة بالحق والصحة (١).
و﴿إِذْ﴾ ظرف للنبأ؛ لأن خبرهم وحديثهم كان في ذلك الوقت، ولا يجوز أن يكون ظرفًا لقوله: ﴿وَاتْلُ﴾، كما زعم بعضهم، لأن التلاوة لم تكن في ذلك الوقت، وقد جُوز أن يكون بدلًا من النبأ على تقدير حذف المضاف، أي: اتل عليهم النبأ نبأ ذلك الوقت (٢).
والقُربانُ: اسمُ ما يُتَقَرَّبُ به إلى الله سبحانه من نَسِيْكَةٍ، أو صدقة، وهو في الأصل مصدر، ولذلك لم يُثَنَّ، وعن أبي علي: تقديره: إذْ قَرَّبَ كل واحد منهما قربانًا، كقوله: ﴿فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ (٣) أي: كل واحد منهم.
﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (٢٩)﴾:
قوله عز وجل، ﴿بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾ في محل النصب على الحال من المستكن في ﴿أَنْ تَبُوءَ﴾ أي: ملتبسًا بهما، حاملًا لهما. واختلف في معنى ذلك:
فقيل: معناه: إني أريد أن ترجع بإثم قتلي، والإِثم الذي كان منك قبل قتلي، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره (٤).
(٢) المصدر السابق
(٣) سورة النور، الآية: ٤.
(٤) أخرجه الطبري ٦/ ١٩٢ عن ابن عباس، وابن مسعود رضي الله عنهم، وقتادة، ومجاهد، والضحاك. ورجح النحاس في معانيه ٢/ ٢٩٦ هذا القول.