قوله عز وجل: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ﴾ (جزاء) رفع بالابتداء، ونهاية صلة الذين ﴿فَسَادًا﴾، وهو مفعول من أجله، أي: يسعون فيها للفساد، أو مصدر من غير فعله، وإنما هو محمول على المعنى، لأن سعيهم في الأرض لما كان على وجه الفساد نزل منزلته، كأنه قيل: ويفسدون فيها فسادًا، أي: إفسادًا، ثم وضع موضعه كما وضع ﴿نَبَاتًا﴾ (١) موضع إنباتًا على أحد الوجهين. ويحتمل أن يكون في موضع الحال من الواو في (يسعون)، أي: يسعون فيها مفسدين، وخبر الابتداء ﴿أَنْ يُقَتَّلُوا﴾ وما عطف عليه. وأن وما اتصل بها في تأويل المصدر، أي: جزاؤهم التقتيل، أو التصليب، أو التقطيع، أو النفي.
و﴿أَوْ﴾ في جميع ذلك للتخيير (٢)، والتخيير للإِمام، وفيها تفصيل وأحكام على قدر اختلاف العلماء فيها، ولا يليق ذكرها هنا.
وقوله: ﴿مِنْ خِلَافٍ﴾ في موضع نصب على الحال من الأيدي والأرجل، أي: مختلفة، وهي اليد اليمنى والرجل اليسرى.
وقوله: ﴿ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا﴾ (ذلك) مبتدأ، والإشارة إلى الأشياء المحكوم بها عليهم. و ﴿لَهُمْ خِزْيٌ﴾ (خزي) رفع بالابتداء، والخبر ﴿ذَلِكَ﴾، أو بِلَهم على رأي أبي الحسن، والجملة في موضع رفع بخبر ﴿ذَلِكَ﴾.
و﴿فِي الدُّنْيَا﴾: في موضع رفع على النعت للخزي، ولك أن تعلقه بـ ﴿خِزْيٌ﴾ تعلق الجار بالفعل، ويحتمل أن يكون ﴿خِزْيٌ﴾ خبر ﴿ذَلِكَ﴾، و ﴿لَهُمْ﴾ حال من ﴿خِزْيٌ﴾ لتقدمه عليه.
(٢) كذا أيضًا في مشكل مكي ١/ ٢٢٧، والبيان ١/ ٢٩٠. ويظهر أنهم قصدوا المعنى اللغوي، وإلا فأكثر العلماء على أن (أو) هنا للترتيب والتفصيل، والتعقيب. وانتصر الإمامان الطبري، والرازي لهذا الرأي الثاني. وأيد ابن عربي في أحكام القرآن ٢/ ٩٨ الأول.