السارق والسارقة؛ أي: حكمهما (١).
وأما عند غيره: فالخبر ﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ (٢)، ودخول الفاء لتضمنها معنى الشرط؛ لأن الألف واللام فيهما بمعنى الذي والتي، كأنه قيل: والذي سرق والتي سرقت فاقطعوا أيديهما، إذ ليس يقصد به سارق بعينه، ولا سارقة بعينها، ولا مقال في أن الاسم الموصول يُضمَّنُ معنى الشرط لما فيه من الإِبهام إذا كانت الصلة فعلًا أو ظرفًا.
ونَصَبَهُما عيسى بن عمر (٣) بإضمار فعل؛ أي: اقطعوا السارق والسارقة.
وقوله: ﴿أَيْدِيَهُمَا﴾ يريد يديهما، وهما اليمينان؛ لأن المقطوع من السارق والسارقة يميناهما، تعضده قراءة من قرأ: (والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم) وهو عبد الله - رضي الله عنه - (٤)، وإنما وضع الجمع موضع الاثنين؛ لأنه ليس في الإِنسان سوى يمين واحدة، كالرأس والقلب والبطن والظهر، وما هذه سبيله يُجْعَلُ الجمع فيه مكان الاثنين لعدم اللَّبْسِ واجتزاءً بتثنية المضاف إليه عن تثنية المضاف، وفي التنزيل: ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ (٥)، ولو

(١) في (أ) و (د): أي حكمها. وانظر الكتاب ١/ ١٤٣. وحكاها عنه الزجاج ٢/ ١٧١، والنحاس ١/ ٤٩٥، ومكي ١/ ٢٢٧.
(٢) هذا إعراب الفراء ١/ ٣٠٦، والمبرد كما في معاني الزجاج، وإعراب النحاس في الموضعين السابقين. وقال الزجاج: وهو المختار.
(٣) أي قرأ: (والسارقَ والسارقةَ)، وانظر قراءته في معاني الزجاج ٢/ ١٧٢، وإعراب النحاس ١/ ٤٩٥ - ٤٩٦. ومشكل مكي ١/ ٢٢٧، والكشاف ١/ ٣٣٧، والمحرر الوجيز ٥/ ٩٥، وعيسى بن عمر هو الثقفي النّحوي البصري، له اختيار في القراءات على مذاهب العربية، توفي سنة تسع وأربعين ومائة.
(٤) انظر قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في معاني الفراء ١/ ٣٠٦، ومعاني الزجاج ٢/ ١٧٢. وتفسير الطبري ٦/ ٢٢٨، والماوردي ٢/ ٣٥، والكشاف ١/ ٣٣٧ والمحرر الوجيز ٥/ ٩٦. وعند الفراء، والطبري، والماوردي: (أيمانهما)، وهي كذلك في مفصل الزمخشري/ ٢٢٦/ خلافًا لكشافه.
(٥) سورة التحريم، الآية: ٤.


الصفحة التالية
Icon