ثُنِّيَ ما كان في الشيء منه واحد لكان جائزًا، لا أعرضي ذلك خلافًا عند أهل العربية، وقد جمعهما الشاعر في بيت واحد فقال:

١٨١ - وَمَهْمَهَينِ قَذَفَيْنِ مَرْتَيْن ظَهراهُما مِثْلُ ظُهُورِ التُّرْسَيْن (١)
فأتى بالتثنية والجمع كما ترى.
﴿جَزَاءً﴾ و ﴿نَكَالًا﴾: مفعولان من أجلهما؛ أي: فاقطعوا للجزاء والنكال، ويجوز أن ينتصبا على المصدر حملًا على المعنى؛ لأن معنى (فاقطعوا): جازوهم ونكلوا بهم، وقد جوز أن يكونا في موضع الحال.
﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٤١)﴾:
قوله عز وجل، ﴿لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾ (لا يحزنك) نهي، وقريء: (لا يَحْزُنك) بفتح الياء وضم الزاي، و (لا يُحْزِنك) بضم الياء وكسر الزاي (٢)، وهما لغتان، يقال: حَزَنَهُ يَحْزُنه، وأَحْزَنَهُ يُحْزِنه بمعنىً،
(١) رجز منسوب إلى خطام المجاشعي، شاعر إسلامي. وهو من شواهد سيبويه ٢/ ٤٨، والزجاج ٢/ ١٧٣، والصحاح (مرت). والموضح / ٤٥/، والمخصص ٩/ ٧، والمفصل / ٢٢٦/، والتبيان ١/ ٤٣٦، وابن يعيش ٤/ ١٥٦، وشرحه البغدادي ٧/ ٥٤٨ - ٥٤٩ فقال: الواو في (مهمهين) واو رب، والمهمهُ: القفر المخُوف، والقَذَف بفتح القاف والذال: البعيد من الأرض. والمَرْت: الأرض التي لا ماء فيها ولا نبات. والظهر: ما ارتفع من الأرض. شبهه بظهر تُرس في ارتفاعه وتعرِّيه. وقال الأعلم: وصف فلاتين لا نبت فيهما ولا شخص يستدل به، فشبههما بالترسين.
(٢) القراءتان صحيحتان، فجمهور العشرة على فتح الياء وضم الزاي، إلا نافعًا فقد قرأ وحده.
بضم الياء وكسر الزاي. انظر السبعة / ٢١٩/، والمبسوط / ١٧١/، والتذكرة ٢/ ٢٩٨.


الصفحة التالية
Icon