وليحكمَ أهلُ الإِنجيل، أو: وآتيناه الإِنجيل ليحكمَ أهلُهُ بما أنزل الله فيه من الأحكام.
وقرئ: ﴿وَلْيَحْكُمْ﴾ بإسكان اللام والميم (١)، على أنها لام الأمر، بمعنى: وقلنا ليحكم، كقوله: ﴿وَأَنِ احْكُم﴾ (٢).
قيل: وروي في قراءة أُبي - رضي الله عنه - (وأَنْ لِيحكمْ) بزيادة أن مع الأمر (٣)، على أَنَّ (أَنْ) موصولة بالأمر، كقولك: أمرته بأن قم، كأنه قيل: وآتيناه الإِنجيل وأَمرْنا بأن يحكم أهله، ويجوز في لام الأمر الكسر مع العاطف على الأصل بشهادة قوله: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ﴾ و (٤)، والإسكان معه للتخفيف.
﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٤٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا﴾ (بالحق) متعلق بأنزلنا، و ﴿مُصَدِّقًا﴾ حال من الكتاب. ولك أن تجعل ﴿بِالْحَقِّ﴾ حالًا من ﴿الْكِتَابَ﴾، و ﴿مُصَدِّقًا﴾ حالًا من المستكن في ﴿بِالْحَقِّ﴾. ولك أن تجعل ﴿بِالْحَقِّ﴾ حالًا من الضمير في قوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا﴾، أي: مُلتبسين بالحق، أو مُحِقِّين.

(١) هذه قراءة العشرة إلا حمزة قرأ بالأولى وحده. انظر السبعة / ٢٤٤/، والحجة ٣/ ٢٢٧، والمبسوط / ١٨٥/، والتذكرة ٢/ ٣١٦.
(٢) من الآية (٤٩) الآتية.
(٣) انظر قراءته رضي الله عنه في الكشاف ١/ ٣٤٢، والمحرر الوجيز ٥/ ١١٨.
(٤) سورة الطلاق، الآية: ٧.


الصفحة التالية
Icon