اتَّخَذُوا}، كأنه قيل: ولا تتخذوا الكفارَ. فإن قلت: بأي شيء يتعلق قوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا﴾؟ قلت: بمحذوف هو حال من ﴿الَّذِينَ اتَّخَذُوا﴾، أي: كائنين منهم.
﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (٥٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا﴾ عُدِّي نادَى بالجار؛ لأنه بمنزلة دعاء، كقوله: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ (١). و (إذا) ظرف لاتخذوها، والهاء في ﴿اتَّخَذُوهَا﴾ للصلاة، أو للمناداة.
وقوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ﴾ ﴿ذَلِكَ﴾ إشارة إلى ما وصف به المذكورون من الهُزْءِ واللعب، وهو مبتدأ، والخبر ﴿بِأَنَّهُمْ﴾، أي: ذلك صادر منهم بسبب جهلهم.
﴿لَا يَعْقِلُونَ﴾: في موضع رفع على النعت لقوم. قيل: وإنما نفى العقل عنهم؛ لأن هُزْأهم ولَعِبهم من أفعال السفهاء والجهَلة، فكأنهم لا عقل لهم (٢).
﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (٥٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا﴾ الجمهور على كسر القاف في تنقِمون، وماضيه نقَم بفتح القاف، وقرئ: (تنقَمون) بفتحها (٣)

= ٣/ ٢٣٤، والمبسوط / ١٨٦/، والتذكرة ٢/ ٣١٧ - ٣١٨، ويؤيد قراءة الجر ما ورد في حرف أُبي رضي الله عنه (ومن الكفار). انظر تفسير الطبري ٦/ ٢٩٠، ومعاني النحاس ٢/ ٣٢٦.
(١) سورة فصلت، الآية: ٣٣.
(٢) الكشاف ١/ ٣٤٨.
(٣) قراءة شاذة نسبت إلى أبي حيوة، وابن أبي عبلة، والنخعي، وأبي البرهسم. انظر مختصر الشواذ / ٣٣/، والمحرر الوجيز ٥/ ١٣٩.


الصفحة التالية
Icon