وماضيه نقِم بكسر القاف وهي لغية حكاها الكِسائي (١)، يقال: نَقَم من كذا ينقِم، ونَقِم يَنْقَمُ نَقْمًا فيهما، إذا كرهه أَشَدَّ الكراهية.
قال أبو إسحاق: والأجود نقَمت أنقِم، يعني بفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر، وأنشد بيت قيس بن الرُّقيَّات (٢):

١٨٤ - ما نَقَمُوا من بني أمية إلَّا أنهم يَحْلُمُونَ إنْ غَضِبُوا (٣)
بفتح القاف وكسرها (٤).
و﴿أَنْ﴾ وما اتصل بها في موضع نصب بـ ﴿تَنْقِمُونَ﴾ على أنه المفعول الأول، و ﴿مِنَّا﴾ الثاني، كما تقول: نقمت من زيد كذا، فـ (كذا) هو المفعول الأول، و (من زيد) هو الثاني، أي: هل تكرهون منا إلّا إيمانَنا بالله وبالكتب المُنزَّلة كلِّها.
فإن قلت: هل يجوز أن يكون (منا) في موضع نصب على الحال من أن والفعل، كأنه قيل: وما تنقمون إلّا إيماننا كائنًا منا؟ قلت: لا يجوز ذلك، لأنك تثبت له قَدَمًا في الراجع، ونحوُ هذا الموصول لا راجع له مع تقديم ما في الصلة على الموصول (٥).
(١) حكاها عنه أيضًا النحاس في معانيه ٢/ ٣٢٨، والجوهري في صحاحه (نقم).
(٢) كذا جاء هذا الاسم في (أ) و (ب) و (د)، وإنما هو: عبيد الله بن قيس الرقيات، قال ابن سلام في طبقاته / ٦٤٧/: وإنما نسب إلى الرقيات لأن جدات له توالين يسمين رُقَيّة. وقال البكري في السمط ١/ ٢٩٤: وإنما نسب إلى الرقيات لأنه كان يشبب بثلاث نسوة اسم كل واحدة منهن رقية. وكان منقطعًا إلى آل الزبير، فلما قتل مصعب هرب، ثم ذهب إلى دمشق تائبًا فمدح الأمويين.
(٣) من شعر يمدح به عبد الملك، انظره في مجاز القرآن ١/ ١٧٠، وطبقات فحول الشعراء ٢/ ٦٥٤، ومعاني الزجاج ٢/ ١٨٦، وجامع البيان ٦/ ٢٩٢، والأغاني ٥/ ٨٤، وسمط اللآلي ١/ ٢٩٥.
(٤) انظر كلام أبي إسحاق الزجاج في معانيه ٢/ ١٨٦.
(٥) انظر هذا السؤال وجوابه أيضًا في التبيان ١/ ٤٤٧.


الصفحة التالية
Icon