وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (٦٠)}:
قوِله عز وجل: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ﴾ ﴿ذَلِكَ﴾ إشارة إلى المنقوم وهو الإِيمان، وفي الكلام حذف مضاف، أي: بِشَر من أهل ذلك.
﴿مَثُوبَةً﴾: نصب على البيان، والمبيَّن ﴿بِشَرٍّ﴾. والمثوبة: الثواب، واختلف في وزنها، فقيل: مَفْعُلَةٌ والأصل: مثوبة كَمَكْرُمَةٍ، نقلت حركة الواو إلى الثاء وبقيت الواو ساكنة، وقيل: مفعولة كمقولة، والأصل: مَثْوُوْبَة، ألقيت حركة الواو التي هي العين على الثاء فَسَكَنَتِ الواوُ وبعدها واو مفعولة ساكنة، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين، فبقي مثوبة بوزن مفولة على الخلاف المشهور بين صاحب الكتاب وبين أبي الحسن (١).
وقرئ: (مثْوَبة) بإسكان الثاء وفتح الواو (٢)، وقد ذكرت وجه ذلك في "البقرة" عند قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ﴾ (٣).
و﴿عِنْدِ اللَّهِ﴾: في موضع النصب على الصفة لقوله: ﴿مَثُوبَةٌ﴾.
و﴿مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ﴾: محل ﴿مَنْ﴾ إما الرفع على إضمار مبتدأ على تقدير جواب قائل يقول: مَن ذلك؟ فقيل: هو من لعنه الله، كقوله: ﴿قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ﴾ (٤)، أي: هي النار. أو الجر على البدل من شر، أو النصب على إضمار فعل يدل عليه ﴿أُنَبِّئُكُمْ﴾، أي: أنبئكم مَن لعنه.
(٢) قراءة شاذة نسبها ابن جني ١/ ٢١٣ إلى الحسن، وابن هرمز، وابن عمران، ونبيح، وابن بريدة. وانظر المحرر الوجيز ٥/ ١٤٠.
(٣) الآية (١٠٣) منها.
(٤) سورة الحج، الآية: ٧٢.