وقوله: ﴿وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾ قرئ: (وعَبَدَ الطاغوتَ) بفتح العين والباء ونصب الطاغوت (١). وقرئ: (وعَبُدَ الطاغوتِ) بفتح العين وضم الباء وجر الطاغوت (٢).
مَن فتح العين والباء جعله فعلًا ماضيًا، وعطفه على صلة ﴿مَنْ﴾، لأنه ماض مثله ونصب به الطاغوت، كأنه قيل: مَن لَعَنَهُ اللهُ، وَمَن عَبَدَ الطاغوتَ، وأفرد الضمير في (عبد) حملًا على لفظ (مَن) دون معناه.
ومَن ضم الباء جعله اسمًا على فَعُلٍ، وهو بناء يوضع للمبالغة، على معنى: أنه قد ذهب في عبادة الطاغوت كل مذهب، كقولهم: رجل يَقُظ، للذي تكثر منه الفطنة والتيقظ، وحَذُرٌ، للكثير الحذر، ونَدُسٌ، للفَهِم.
وإنما بنوا مِن عَبْدٍ عَبُدًا وإن كان أصل هذا البناء للصفات؛ لأن عَبْدًا أيضًا في الأصل صفة، وإن كان قد استعمل استعمال الأسماء، وَجر ما بعده بالإِضافة، وهو منصوب بـ (جعل) معطوف على ﴿الْقِرَدَةَ﴾، أي: وجعل منهم القردة والخنازير ومن يبالغ في عبادة الطاغوت، وهذه القراءة قراءة حمزة، والأُولى قراءة الجماعة، وهاتان القراءتان هما المشهورتان المستعملتان.
وقرئ أيضًا: (وعبدوا الطاغوت) (٣) على أنه فعل وفاعل، والجمع على معنى (من).
وقرئ: (وعُبُدَ الطاغوتِ) بضم العين والباء، ونصب الدال، وجر ما
(٢) هي قراءة حمزة وحده. انظر السبعة / ٢٤٦/، والحجة ٣/ ٢٣٦، والمبسوط / ١٨٦/، والنشر ٢/ ٢٥٥.
(٣) نسبت في معاني الزجاج ٢/ ١٨٧، ومعاني النحاس ٢/ ٣٢٩ إلى ابن مسعود. ونسبت في المحتسب ١/ ٢١٥، والمحرر الوجيز ٥/ ١٤٢ إلى أبي بن كعب. وهي عند الطبري ٦/ ٢٩٥ إلى الاثنين رضي الله عنهما معًا.