وقيل: هي متعلقة بـ ﴿يُؤَاخِذُكُمُ﴾، ولك أن تجعله في موضع الحال من اللغو، فيكون من صلة محذوف (١).
وقوله: ﴿بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾: (ما) مصدرية، أي: بتعقيدكم الأيمان، وهو توثيقها بالقصد والنية، من قولهم: عَقْدٌ مُمَرٌّ، أي: وثيق، ومنه: بَعِيرٌ عَقِدٌ، إذا كانَ قويًّا مُمَرَّ الخَلْق، وفي الكلام حذف، أي: ولكن يؤاخذكم بما عقدتم إذا حنثتم، فحذف وقت المؤاخذة للعلم به، أو بنكث ما عَقَّدتم، ثم حذف المضاف لما ذكرت آنفًا. ولك أن تجعلها موصولة وعائدها محذوف، أي: بالذي عقَّدتم الإيمان عليه.
وقرئ: (عقَدتم) بتخفيف القاف (٢)، وهو الأصل، وقرئ: بتشديدها (٣)، ليدل على تأكيد العزم بالالتزام بها، وقرئ: (عاقدتم) بألف بعد العين (٤)، وهو كعافاه الله وشبهه.
وقوله: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ﴾: مبتدأ وخبر، وتكفير اليمين فعل ما يجب بالحنث فيها، والكفارة الاسم، والهاء في كفارته تعود على النكث؛ لأنه هو الموجب للكفارة، وقيل: تعود إلى (ما) من قوله: ﴿بِمَا عَقَّدْتُمُ﴾، ولا بد من حذف ما ذكرت وهو الحِنث، أي: فكفارة حِنثه كذا، ولا يجوز أن تعود على اللغو كما زعم بعضهم؛ لأن اللغو لا كفارة فيه (٥).
و﴿إِطْعَامُ﴾: مصدر أطعم، كإكرام وإحسان في مصدر أكرم وأحسن، وهو مضاف إلى المفعول به، أي: فكفارة ذلك أن تطعموا عشرة مساكين.
(٢) قرأ بها الكوفيون غير حفص كما سيأتي.
(٣) قرأ بها المدنيان، والبصريان، وابن كثير، وحفص كما سيأتي.
(٤) قرأ بها ابن عامر وحده. انظر هذه القراءات في السبعة / ٢٤٧/، والحجة ٣/ ٢٥١، والمبسوط/ ١٨٧/.
(٥) انظر معاني النحاس ٢/ ٣٥٢ - ٣٥٣، واقتصر الزمخشري ١/ ٣٦١ على الوجه الأول.