﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ﴾ اختلف في عامل ﴿إِذْ﴾، فقيل: ﴿يَخْتَصِمُونَ﴾. وقيل: بدل من ﴿إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ على أن الاختصام والبشارة وقعا في زمان واسع، كما تقول: لقيته سنة كذا. وقيل: هو بدل من ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ﴾ (١).
﴿بِكَلِمَةٍ مِنْهُ﴾: (منه) في موضع جر صفة لقوله: ﴿بِكَلِمَةٍ﴾، ومن: لابتداء الغاية.
وقوله: ﴿اسْمُهُ الْمَسِيحُ﴾ (اسمه): مبتدأ، و ﴿الْمَسِيحُ﴾: خبره، و ﴿عِيسَى﴾ بدل من المسيح، أو عطف بيان. ﴿ابْنُ مَرْيَمَ﴾: صفة لعيسى.
والضمير في ﴿مِنْهُ﴾: لله تعالى، وفي ﴿اسْمُهُ﴾ للكلمة، وإنما ذكّر ضميرها حملًا على المعنى، لأن المسمى بها مذكر، فحمل على المعنى دون اللفظ.
وقوله: ﴿وَجِيهًا﴾ وما عطف عليه إلى قوله: ﴿وَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ (٢) أحوال من (كلمة)، على حد: معه صقر صائدًا به غدًا، أي: يبشرك به موصوفًا بهذه الصفات، وجاز انتصاب الحال عن النكرة لكونها موصوفة بقوله: ﴿مِنْهُ﴾.
فإن قلت: ما منعك أن تجعل المذكورات أحوالًا من ﴿عِيسَى﴾ كما زعم بعضهم (٣)؟ قلت: منعني عدم العامل، لأن الابتداء لا يعمل في الأحوال (٤).

(١) من الآية (٤٢) وقال النحاس ١/ ٣٣٢: ويجوز أن تكون متعلقة بقوله: (وما كنت لديهم).
أي الثاني كما نص مكي في المشكل ١/ ١٤١.
(٢) من الآية التالية.
(٣) هو مكي في المشكل ١/ ١٤١ وتبعه ابن الأنباري في البيان ١/ ٢٠٤.
(٤) كذا قال العكبري ١/ ٢٦٠ أيضًا.


الصفحة التالية
Icon